وبمناسبة الحديث عن جراحة القلوب، استمعت ولأكثر من مرة لحديث الباشا الدكتور البارع داوود حنانيا – متعه الله بالصحة والعافية – لبرنامج نوستالجيا مع المذيعة رهف صوالحة، حين تطرق للعديد من التفاصيل ومنها أول عملية زراعة قلب في الأردن بداية السبعينيات وقراره الطبي الشجاع حينذاك وانقاذه حياة مريض عاش بعد العملية لعشر سنوات بعد زراعة قلب له من أهل متبرع، ذكر الباشا تلك العملية بنبض فرح وسرور وخوف وبكاء طاقم الجراحة عند تدفق الدم إلى القلب ومن ثم نجاح العملية وعودة الحياة بأمر الله إلى المريض، وكمّ كنت أتمنى لو امتد الحوار مع الباشا لفترة أطول للحديث عن لغة الروح عند إجراء العمليات الجراحية الكبرى والباشا أجرى مئات الآلاف من العمليات خلال مسيرته المميزة ومدرسته الجادة وتلاميذه من جراحي القلب المميزين كذلك.
كنت قد سألت الباشا الدكتور سعد جابر ومساعده الدكتور ينال الناصر عما شاهدوا في قلبي عند فتح الصدر ومتابعة العملية، كانت الإجابة: » اطمئن، وضعك وقلبك طيب، لم نجد شيئا مزعجا قط » وكذلك كانت إجابة طبيب التخدير.
ما نحتاجه من الأطباء ومع الأدوية والتعليمات، الحديث قليلا عن سلامة القلوب وعن حكاية وتفاصيل رحلة المعالجة والتجاوب والأسرار وراء كل عملية وحالة وقصة مريض تحت رحمة الله وما يكون في غرف العمليات من أجواء مفعمة بالمشاعر والأحاسيس لكل من الطبيب والمريض وطاقم العملية، خصوصا مع الساعات الطوال التي تستغرقها العملية، ومن تكرار وكثرة العمليات ينسى الأطباء ذلك ويمضون في حال سبيلهم لعملية أخرى وكتابة تقرير طبي عن العملية لا غير.
زميلي وصديقي في مجلس الآباء في مدرسة اليوبيل الطبيب البارع الدكتور رامي العزب أخصائي المسالك البولية، أسعدني برواية له بعنوان: » من سيذكر ما لم يحدث »، والتي يبرز فيها عالم الروح وقصص بعض المرضى والمراجعين لعيادته وخصوصية كل حالة وتناول عالم يستحق الغوص وسبر أعماقه لفهم طبيعة المعاناة الإنسانية، وسيكون لاحقا لي وقفة مطولة مع الرواية الغنية بالتجارب الفريدة.
في رحاب الجامعة الأردنية وفي عهد الثمانينيات وبعيدا عن تخصصاتنا العلمية كنا نستمع إلى عذوبة إلقاء شعر معالي الدكتور خالد الكركي بما يملكه من ناصية الكلام والرقي والأناقة والوجد والبلاغة وكذلك معالي الدكتور صلاح جرار في عمادة شؤون الطلبة، حيث كنا نرتاح قليلا مع جو الحماسة والجمال مع ثنايا الشعر العربي الأصيل.
مع ثنايا شهر رمضان المبارك والعشر الأواخر، نبتهل ونرفع أكف الدعاء ونطمع في رحمة الله ومغفرته وقبوله وعتقه لنا عقب الاجتهاد والطاعة، فهل نجري عملية قلب مفتوح لأنفسنا ونزيل عنها ما علق من حسد وغيرة وحقد وبغضاء؟
الأطباء من الاختصاصات كافة لديهم العديد مما قد يغني المسيرة الحياتية بتفاصيل مهمة للمريض والمجتمع وخصوصا مرضى السرطان والمعاناة النفسية أثناء رحلة العلاج وقبيل الرحيل، وكذلك أطباء النسائية والتوليد والعقم والأطفال والتخصصات المنوعة الخرى وذات الصلة القريبة والوطيدة مع المرضى والحياة، فهل لذلك منهم من سبيل ؟.
قبل الأجل المحتوم، أرجو استكمال العديد من مشاريع البحث والتوثيق والتدبر في شؤون هذا القلب للكتابة عن فواصل نبض المشوار !