تتهيأ الأرض لاستقبال شهر الخير والبركة، والسماء لدعوات العباد، ولنا أن نتصور حجم النشاط الايماني والروحاني والذي سوف يغلف الكون عبادة خالصة لوجه الله؛ فالصوم له ويجزي به بكرمه على العباد.
ما بين السماء والأرض وفي شهر الصوم دعوات وابتهالات وحاجات وأمنيات ورغبات لكسب الطاعة وإتمامها على الوجه الذي يرضي الله ويسعد النفس بما قدمت وبذلت من عمل واجتهاد اناء الليل والنهار.
لنتصور المسافة ما بين السماء والأرض مليئة بما تطلبه المهج والأرواح من الله جل في علاه؛ سوف تغطي المسافة بسمو الطلب والمأمول من الرجاء برحمة الله وغفرانه على عباده المؤمنين الطائعين الساجدين والموحدين، لنتصورها مُلئت بما يليق من حسن الطاعة والعبادة والشوق والطهارة، والرسائل التي تنطلق من المحتاجين بحق الإجابة من الرزاق الكريم.
الحمد لله تزداد محاولات كسب الحسنات في شهر تتضاعف فيه أعمال الخير وترتفع الأعمال إلى المولى جلت قدرته ويكون الحساب عظيما في السموات والأرض وبما يبتهل العباد به من رب العباد برجاء وحنين.
دعوات تغطي المسافة بين الأرض والسماء، وليس أمواج وقنوات البث والرسائل والصور ومقاطع الفيديو المنتشرة عبر الفضاء بكثرة وزخم وزحمة تحجب الرؤية والرؤى والمشهد وحتى الأمنيات عن الدرب.
تنتشر أصوات الذكر والتسبيح والتلاوة والتهليل وتصل عنان السماء وباب الرحمن الرحيم، خاشعة طامعة بالمغفرة والمكرمة فوق وتحت الأرض وعند العرض، ويعلو الابتهال ويعطر الأفاق خالصا لوجه الله.
ما بين السماء والأرض وفي شهر الخير ثمة مآثر ينبغي أن تكون لترشيد الوقت والاستفادة منه للدعاء والعبادة والتدبر فقد حان واستحق الجهد الحقيقي للتغلب على شهوات النفس والملذات والعادات السيئة ومنها التدخين، الغيبة والحسد والمباهاة والإسراف والتبذير.
نلجأ بما اقترفناه من ذنوب إلى البارئ عزل وجل ونملاْ المساحة بين السماء والأرض دعوات للمغفرة ونسأله جلت قدرته أن يرفع عنا العذاب برحمته وأن يتقبل منا الطيب من الأعمال والنيات.
لو نظرنا وتمكنا من رؤية العالم المتسع والممتد من خلجات النفوس وأدعيتها وأمنياتها التي ترتفع مع عنان السماء، ترى هل نعي بحق نعيم ما نطلب ونتمنى ونرجو، وما نعمل من أجل ذلك ونسعى؟
ما أعظم قدرة الله على السيطرة على تلك المساحة بين السماء والأرض والملكوت وتلبية طلب الخلق بحكمة لا يدركها سوى المؤمن الحصيف اللبيب والمتجه صوب باب النجاة وكرم الحليم الرحيم.
لو نظرنا للمسافة ما بين السماء والأرض، ترى هل نرصد بما ملئت به طمعا ورهبا؟
fawazyan@hotmail.co.uk