كتاب

العزيمة طريق النجاح والفوز

فنكمل ما بدأنا باستعراض وتحليل لواقع الحال اليوم يلزمنا ولو أخلاقيا بالتوقف في هذه المحطة العمرية (محطة العقد السادس من العمر بالنسبة لي شخصياً)، بهدف مراجعة لمحطات رحلة العمر على مستوى الفرد أو الجماعة، فدرجات الطموح بقالب القدرات متفاوتة، والانجازات في بحيرة راكدة متواضعة العمق، والتي تنعكس على النتائج لأننا في عصر الصراعات وانعدام العدالة أو تغيير جذري بمؤهلاتها؛ فعنصر القوة والوراثة والمال الأسود يفرض سطوته بغير اختصاص أو مؤهل، كثبان متدحرج أمام الطموح، ويعلو بصوته حتى لو كان بمساحة ضيقة محاصرة، تم است?لاكها، ورُرِعت بشجيرات الخطأ والغلط؛ لربما ما نسمع به يوميا من حوادث اعتداء بين أفراد العائلة تتراوح بين الإيذاء والقتل، يعكس درجة التردي للعلاقات الأسرية التي تبدأ باستخدام الأسلحة المؤذية، بعد انتهاء عصر الكلمة بالقول والفصل؛ وتجمدت هيبة الكبار لخلل بأفكار وسلوك أطراف المعادلة، لنخلص بجاهة استسلام للواقع لمبررات الضغوطات النفسية والعائلية والمادية والشخصية كشاحن ومخزن لمثل هذه التصرفات الدخيلة والهجينة على السلوك الانساني؛ أمر محزن يرغمنا على التوقف والتحسر، ونحن نحاول أن نبرر الفشل بمنظومتنا السلوكية نت?جة تراكمات، فالنفس البشرية مقدرة بأعلى الدرجات في جميع الديانات والمجتمعات.

الشعور بالفقر أو الحرمان بأي صورة من الطموحات أو أساسيات الحياة بصورة نسبية، سيدفع بالفرد للانتقام بصوره المتعددة والتي قد تتضمن وحدة الأذى الذاتي؛ تبدأ بالتفكير، السلوك، التطبيق حتى التنفيذ بفكر ضلالي، وربما البحث عن وسائل وأساليب تتعدى حدود الامكانات والذي يُصَعِّبْ المهمة، فيدخلها بقالب المستحيل أحيانا بثوب التحدي الخاسر، لتصبح أسيرة لظرف أو زمان، واحداث في عالم الغيب أو الانتظار، يكسوها أحيانا ثوب الأمل الذي يحاط ويطرَّز بخيوط العصب والفكر، بأحجام متعددة لا تتناسب وحجم التوقعات، ليعود المنطاد من رحلته،?لنقطة البداية بعد دفع الثمن من الوقت والعمر والجهد.

فهرسة الأفكار وجدولتها بأولويات التنفيذ التي ترصف بمسار الواقع والمرتبطة بظروف التنفيذ، قد يكون طريقا صحيحا لتحقيق الغايات بدرجات موفقية متغايرة، فالعدالة النسبية بين الأقران مؤسفة، ولكنها صاحبة الكلمة والحضور والتأثير، لتجعل البدايات غير متجانسة، لأن السباق للقمة سيكون من نصيب المتأهل الأول الذي يفترض فيه المثالية والاجتهاد والمواظبة، ولكنه ليس شرطا أن يكون قد دخل الغمار من بدايته، فهناك من يلتحق بالمارثون في منتصف الطريق، وهناك من وصل للاستراحة النهائية كمتسابق لاستقبال المنافسين وأخذ الصور التذكارية، بل?ربما يكون الفائز من أنهى متطلبات السباق بصورة فردية حتى لا يصاب بالعين والحسد بل استكمالاً لروتين قاتل؛ واقع مؤسف مثبط، ولكنه يجب أن يوقد شعلة الاصرار والعزيمة لإكمال المشوار حتى لا تتشكل غيوم الحقد بقالب الفشل كمغذ شرعي للإنتقام، لتمطر سلوكيات وتصرفات قد تكون عدوانية ومؤذية مهما كانت صورها وتطبيقاتها، لنشاهد مع كل أسف أسوأ صورها بحوادث القتل والأذى العائلي والتي أريد التأكيد بأنها دخيلة وغريبة على مجتمعنا الطيب المعطاء الأمين، لندخل بدوامة التفكير والبحث عن المبررات التي غذت العصبية وحجب التفكير، ليصبح ال?نتقام والاندفاع والتهور، أسياداً تنطق في الميدان يصعب ضبط بوصلتها، يتبعها فترة ندم ودموع حسرة لا تفيد، ليقفز التساؤل الأهم عن دور مفترض للتكنولوجيا الحديثة في جفاف ينابيع وروافد الربط العائلي، فتتفتت الصخور ويصبح الأجداد ببطولاتهم مجرد دروس ذكريات في التاريخ.

واقعنا مؤسف ومحير، لكنه ليس صعبا أو مزمنا، ونكاد نتسابق مع أنفسنا بدون تجديد أو مراجعة لنفوق من كبوتنا، فلا نبحث عن أسباب الاخفاقات لمعالجتها بسبب تواضع ميزانية جهودنا ونوايانا، فلا نطور بل نبرر لارتكاب نفس الأخطاء بنفس السيناريو، وهكذا دواليك لأننا نستخدم نفس الثقب بعين كريمة وللحديث بقية.