كتاب

وسائل التواصل الاجتماعي وتزوير تاريخ الأردن

يوما بعد يوم تزداد أخطار وسائل التواصل الاجتماعي علينا أفرادا ومجتمعات، ولعل من أخطر إخطار هذه الوسائل حجم التمزق داخل الأسرة الواحدة، فلا تكاد تجتمع الأسرة جسديا في منزلها، حتى تتباعد فكرا واحساسا حيث صار من الطبيعي أن يخلوا كل فرد من أفراد الأسر بهاتفه الخلوي، ويحلق من خلاله بعيد عن المكان، لذلك دقيق هو القول بأن وسائل التواصل الاجتماعي قربت البعيد، وأبعدت القريب. حتى صار الأب لا يعرف مع من يتواصل ابنه، ولم تعد الأم تعرف مع من تتواصل ابنتها، لذلك زاد خطر رفاق السؤ، وصار يعمل داخل بيوتنا، بعد أن صارت غالب?تنا لا تعرف ماذا يجري في بيوتها من خلال هذه الوسائل.

ليس تمزيق الأسرة على عظمته هو الخطر الوحيد لوسائل التواصل الاجتماعي، بل أن المضامين التي تحملها وتنشرها هذه الوسائل، لا تقل خطرا عن خطر التمزق الاسري، لانها في معظمها مضامين (هابطة)، فما هي الفائدة من الحديث عن عدد زيجات (الفنانة) الفلانية, أو (الفنان) الفلاني، وماهي القيمة المعرفية في الحديث عن غرفة نوم فلانة أو فلان، وماهي المنظومة الأخلاقية التي يراد بنائها،من خلال نشر أخبار تنافس (الفنانات) في التعري، علما بأن معظم هؤلاء واولئك يسيؤون للفن ودوره في المجتمع، لأنهم يفتقرون للموهبة ويعتمدون على ثقافة الجس? وفنون التعري. وخطر التركيز على هؤلاء هو تغير نماذج القدوة لدى شبابنا من العلماء المخترعين والكبار الأدباء وقبل ذلك المجاهدين إلى نجوم التعري والفن الهابط.

غير اخبار العري والعراة، فان من المضامين الهابطة التي تغص بها ايضا وسائل التواصل الاجتماعي، هو هذا التركيز الكبير على الطعام حتى صارت المطابخ تنافس أهل العري في الشهرة، وهذا الاهتمام بغذاء المعدة يأتي على حساب غذاء العقل، الذي صار عند معظم شبابنا فارغا وهذا خطر كبير يهدد مستقبلنا الوطني والقومي.

خطر آخر جديد يهدد الحقيقة في بلدنا، هو تنامي كتاب التاريخ وتزويره عند إعداد متزايدة من الاردنيين، حيث صار الكثيرون منهم، يقدمون آبائهم أو أجدادهم أو عشائرهم على أنهم صناع تاريخ الأردن، ويزورون أو يحرفون الكثير من وقائعنا الوطنية لخدمة وترويج كذبهم وادعائتهم حول أدوار آبائهم وأجدادهم في صناعة تاريخنا، مما صار لابد معه من تدخل رسمي سريع لحماية تاريخنا الوطني وعقولنا من التزوير، وكما صار من المهم قيام جهد مجتمعي لحماية عقول شبابنا.