عاد جلالة الملك عبدالله الثاني فجر الجمعة إلى أرض الوطن بعد زيارة شملت قطر وكندا وختامًا الولايات المتحدة الأمريكية التي التقى فيها قياداتها (نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي، وممثلين عن منظمات يهودية دولية وأمريكية) ولعلّ القراءة المتأنية لنتائج ومعطيات الجولة الملكية تؤكد جوهر وحقيقة الرغبة الأردنية التي تجسدها رؤية وقناعة جلالته الساعي بكل ما أوتي من حنكة وبُعد نظر ودقة في قراءة المشهد العربي والإقليمي والدولي إلى تحقيق الأمن والسلام العادل والشامل ونشره في ربوع العالم وإن كان جلالته يواصل التركيز في هذا الخصوص على أهمية تضافر الجهود للتهدئة وخفض وتيرة التصعيد في الأراضي الفلسطينية والعمل مع المجتمع الدولي لبناء أفق سياسي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، ذلك أن جلالته مؤمن أن الحديث عن أي سلام يبقى منقوصًا مالم يجد الصراع العربي والفلسطيني الإسرائيلي طريقًا للحل يبدأ بإبداء اسرائيل نوايا جادة وحقيقية تنم عن إرادة سياسية للتوصل إلى يراه الملك سبيلًا أنجع للعيش المشترك في دولتين اثنتين وفقًا لمبادرة «حل الدولتين».
الملك في جولته الأمريكية وقبلها الكندية ومثلها في قطر، ولئن كان قد ناقش وتباحث في مجمل التطورات الإقليمية والدولية، وسبل التوصل لحلول سياسية لأزمات المنطقة، لم ينفك يدعو القيادات السياسية والفكرية والإعلامية إلى تبني مثل هذه الأفكار التي تمهد الطريق أمام تظافر جهود تحقيق السلام، ومن هنا نجد قاسمًا مشتركًا تمسك به والذي تمثل في استمرار جلالته بالضغط على المجتمع الدولي بإرغام اسرائيل على التوقف الفوري والعاجل وغير المشروط عن مواصلة الاعتداءات على المسجد الأقصى والمستفزة لمشاعر الملايين من الناس من أتباع مختلف الديانات، والتأكيد على ضرورة عدم المساس بالوضع التاريخي والقانوني القائم بالحرم القدسي الشريف، وتجلّى ذلك بوضوح في حديث جلالته مع نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس عندما أعرب جلالته عن تقديره للموقف الأمريكي وأهميته في دعم جهود وقف التصعيد في المنطقة لتجنب التداعيات الأمنية وخطر استمرار الأوضاع الراهنة في الأراضي الفلسطينية اللذين سيؤديان إلى وقوع المزيد من الضحايا.
إلى ذلك حمّل جلالته وخلال لقائه ممثلين عن منظمات يهودية دولية وأمريكية، مسؤولية القيام بواجبهم ومسؤولياتهم كمنظمات مرموقة وصاحبة كلمة مسموعة في أهمية دعم الجهود الهادفة إلى تحقيق السلام العادل والشامل بالمنطقة من خلال ضرورة تكثيف جهود الدفع نحو التهدئة وخفض التصعيد في الأراضي الفلسطينية، وإيقاف أية إجراءات أحادية الجانب من شأنها زعزعة الاستقرار وتقويض فرص تحقيق السلام، والملك الذي ينادي بصوت عقلاني يميل كما هو معهود عنه إلى الحديث بلغة الوضوح والمكاشفة المبنية على حرصه على حشد التأييد ومناصرة الحق العربي وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني على حدود الرابع من حزيران للعام سبعة وستين وتسعمائة وألف، وبديل ذلك كما يراه جلالته مزيد من إراقة الدماء وإفشال لكل تحرك جاد يستهدف التوصل إلى حل منطقي وسلمي عادل للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء.
زيارة ملكية أو لنقل جولة ملكية ناجحة، خصصها جلالة الملك لبحث ملفات هامة تعاني منها المنطقة خاصة والعالم أجمع لا سميا في دعوات جلالته المتكررة إلى ضرورة تبني العالم حلولًا ناجعة للقضايا التي نجمت عن تداعيات فيروس كورونا التي تتقدمها أزمة نقص الغذاء، ولعمري أن القيادات السياسية والاقتصادية والفكرية معنية بالضرورة للاستماع إلى صوت الملك الذي لا يشخّص التحديات فقط إنما يضع لها الحلول والمقترحات والبدائل.
Ahmad.h@yu.edu.jo
الـمـلــك داعـيــة أمـــن وســلام
10:38 3-2-2023
آخر تعديل :
الجمعة