في خضم التطور المتسارع في البرمجيات الذكية وتطبيقاتها، واستثمارها بطريقة رهيبة في كافة المؤسسات والمجالات، فأصبح من الطبيعي أن يقدم لك روبوت وجبتك في مطعم، أو أن يجيب استفسارك عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل فوري برمجيات الذكاء الاصطناعي، وأن تسمع عن عملية جراحية باستخدام روبوت، أو ترى سيارة بنظام قيادة ذاتي أو حتى طيارة بدون طيار. ولكن تفاجأت أثناء استماعي لتقرير برنامج إذاعي عبر أثير إذاعة BBC العربية أعده ذكاء اصطناعي موقع (شات جي بي تي ChatGPT) موقع إلكتروني مجاني بنسخة تجريبية كتقنية جديدة في عالم الذكاء الصناعي وهناك توقعات بأن تكون هناك نسخة مدفوعة بميزات إضافية في المستقبل، إذ أنها أحدث صرعات الذكاء الاصطناعي التي أحدثت ضجة إعلامية واسعة يُتوقع أن يكون لها أثر واسع على الكثير من مجالات الحياة ومنها الجانب الإعلامي والصحفي في إعداد التقارير الإخبارية، وفي الجانب الأكاديمي في كتابة ملخصات أصيلة لم تطرح بعد وتعرف نسبة الاستلال والتشابه مع الأبحاث الموجودة على الانترنت واعداد تحليل إحصائي للبيانات، بالإضافة إلى سهولة التواصل والتفاعل بأسلوب المحادثة الفورية (الشات) أو يجيب عن الأسئلة ويعترف بأخطائه ويرفض الإجابة عن أسئلة لا يمتلك معلومات كافية عنها كالأسئلة عن شخصيات محددة غير عامة أو أحداث وهذه التقنية في كل يوم تزداد تطورًا وتحديثًا من خلال تطوير الخوارزميات وجمع المعلومات عبر الإنترنت وتوفيرها كقاعدة بيانات للبرنامج ليتمكن من خلالها الرد بشكل ذكي على المطلوب منه والبحث عن الفرص والتحديات التي يفرضها؛ إذ أنه فرصة وكنز للمؤسسات التي تستثمره لتوفر الوقت والجهد والمال وتضمن دقة وسرعة في الإنجاز وأداء المهام بسرعة بحيث تنجز مسودة كاملة للعمل كخطوة أولى يقوم بعدها الموظف بإكمال المهمة على أكمل وجه وبالمقابل سيكون خطرًا وتهديدًا على المؤسسات التقليدية الضعيفة.
وفي التقرير الذي أعده عن نفسه لإذاعة الـ(BBC) استعرض (شات جي بي تي ChatGPT) ميزاته ومحدداته وسلط الضوء على خدماته التي يقدمها في هذه التقنية الجديدة ودوره في المستقبل، ونص التقرير «بأنه نموذج لغة متطورة طورته شركة قادرة على إنشاء نص يشبه نص الإنسان وهو قادر على الإجابة على مجموعة واسعة من الأسئلة بدقة عالية، وتتمثل إحدى فوائده الرئيسية في قدرته على المساعدة في إنتاج الأخبار، مما يسمح بتغطية أسرع وأكثر كفاءة. ويمكن استخدامه أيضا لتحليل كميات كبيرة من البيانات مما يوفر رؤى قيمة للصحفيين والمحررين. ومع ذلك من المهم ملاحظة محددات كإمكانية إنتاج ردود متحيزة أو غير دقيقة عندما يتعلق الأمر بالموضوعات الحساسة مع استمرار تقدم مجال الذكاء الاصطناعي أصبح من الواضح بشكل متزايد أنه سيلعب دورا رئيسيا في تشكيل مستقبل صناعة الأخبار وأقوى من المهمة أن تستخدم المؤسسات الإعلامية الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول لضمان وصول الجمهور إلى المعلومات الدقيقة والمعلومات غير المتحيزة'
صدقًا استوقفتني جدًا هذه التقنية الحديثة وتطورها الذي فاق التصورات، فقمت بمحادثة بسيطه، بطرح استفسار: (كيف يمكن أن تساعدني في البحث العلمي) وفاجأني الرد الطويل بالخدمات والميزات البحثية التي توفر على الباحث الوقت الكثير في البحث عن المعلومات في موضوع محدد وهذا يشكل قفزة في مجال البحث العلمي والتصدي للسرقة العلمية بكشف الاستلال عبر الانترنت، ولم يتوقف إلى هذا الحد بل في خبر قرأته على الجزيرة الإخبارية بأن (شات جي بي تي ChatGPT) تخطى متطلبات الحصول على درجة الماجستير في إحدى الجامعات وبإجابات منطقية، أختم مقالي أننا في عصر لا ثابت فيه إلا التغيير، وأن الذكاء الاصطناعي هو الواقع والمستقبل الذي لا مفر منه، بل ويبهرنا في كل يوم بتطور الخدمات التي يقدمها، وينتشر في مؤسساتنا بشكل أوسع مما يؤدي إلى الاستغناء عن العديد من الوظائف، طور نفسك..وتدرب جيدًا..وتابع المستجدات فنحن في عصر لا مكان فيه للضعفاء.