كتاب

«التوك توك» ومآلاته المرفوضة

الاستحسان والقبول الشعبي إلى حد كبير الذي لاقى فيه الأردنيون في معظمهم، قرار الحكومة بإيقاف خدمات تطبيق الـ «التوك توك» أشهر التطبيقات على مواقع التواصل الاجتماعي، يؤكد في مضامينه جُملة من الحقائق التي امتاز بها مجتمعنا الأردني الممتد تاريخًا وعمقًا عربيًا إسلاميًا ومسيحيًا والمتمسك بالقيم والثوابت التي استندت إلى مرتكزات الأخلاق والفضائل السامية والتي بموجبها رفض وسيظل رافضًا لكل ما هو دخيل على النسيج المترابط حتى صار أنموذجًا يحتذى في الأصالة والعراقة والعلامات الفارقة.

لسنا مع من يقول بأن القرار يندرج ضمن ما أطلق عليه البعض «قمع الحريات»، والمعلوم والمؤكد تمامًا أن الديمقراطية والحرية مصانتان أردنيًا وضمن أحكام الدستور شريطة ألا تمسّان الذوق العام والأعراف والعادات والتقاليد التي لطالما احتكمنا إليها في مسلكيات وقرارات وتوجهات حتى إنها لـ «نابت» وحلّت في الكثير من المواقف مكان القانون فكانت الضابط لكل طارئ ولملمت خلافات وأعادت ضبط إيقاع المشهد.

في الآونة الأخيرة التي سبقت قرار إيقاف خدمات التطبيق في الأردن كانت هناك العديد من التجاوزات التي ارتفعت بسببها وتيرة العبارات والمطالبات الشعبية بالكفِّ عن استخداماته في الأردن أو العمل على تأطير هذه الاستخدامات ضمن معايير وأسس واضحة لا تخدش الذوق العام ولا تتسبب في خلق حالة من القلق والتوتر الذي ينتاب العائلات وأولياء الأمور جرّاء الخوف على أبنائهم إذا ما تُرك «الحبل على الغارب» بلا حسيب وبلا رقيب وهم يطالعون ويشاهدون مقاطع فيديو لا ترعى إلّا ولا ذمة ولا تقف عند حدّ ولا تفرّق بين الحسن والسيء.

على صعيد متصل وعندما اتخذ لبعض ممن تسوّل له نفسه التصيد في الماء العكر، من هذا التطبيق العالمي وسيلة لبث الشائعات ونشر الأكاذيب وتلفيق الأخبار وبث مقاطع فيديو من هنا وهناك ومن ثم الادعاء بأنها من هذه المنطقة أو تلك مما يؤدي إلى ترويع الآمنين في بيوتهم، وعندما حاول البعض دسّ السُمّ في الدسم والتقوّل والافتراء على الوطن ورموزه والنيل من مقدراته ومكتسباته، وركوب موجة الاحتجاجات السلمية على بعض قرارات الحكومة في نهاية العام المنصرم، كان لا بد وإزاء هذا كله من إقدام الحكومة عبر وحدة الجرائم الالكترونية في مديري? الأمن العام على إيقاف استخدام الـ «توك توك» الذي لا نقلل من أهميته وفوائده وإيجابياته إذا ما أحسنا استخدامه كبقية وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت تشكل أساسًا لا غنى لنا عنه.

في الحقيقة نحن نؤيد وندعم ونشجع وندعو إلى قطع دابر كل ما يدعو إلى فتنة أو إقليمية أو يؤجج مشاعر كراهية وتفرقة ويبثّ شائعات وافتراءات الغاية منها اختراق وحدة الصف الأردني أو يقتحم خصوصية وطيبة ونكهة طبيعتنا الأردنية المؤصلة التي نلتقي عليها من مختلف أصولنا ومنابتنا ودياناتنا «مسلمين ومسيحيين»، والحال بالطبيعة لا يمكن إدراجه كما يدعي البعض تحت بند مصادرة حريات الناس التي حفظها القانون وصانها برغبة ملكية لا تنفصم عُراها.

Ahmad.h@yu.edu.jo