حاملاً سيفي العلم والجندية منذ أن تخرج من مؤتة السيف والقلم حتى ارتقى الى ربه شهيداً، لم يتوان لحظة في خدمة وطنه وقيادته، كان أنموذجاً للجد والالتزام والمهنية والحرفية.
شهيد الوطن العقيد الدكتور عبدالرزاق الدلابيح، لبى نداء الواجب والفداء بكل شجاعة وإقدام.
هول الفاجعة صادماً وكبيراً، والحزن خيم على الوطن بعد أن طالته أيادي الغدر ولم يكن يعلم انه عندما غادر بلدته الكفير في جرش أن ثمة أمراً يخبئه له القدر في الحسينية في معان،.. مخربون وقتلة مجرمون تربصوا له واغتالوه في جنح الظلام دونما أدنى وطنية او انسانية، ذنبه الوحيد انه يؤدي غايته ومهمته السامية في حفظ الامن.
شهيدنا وعريسنا الدكتور العقيد عبدالرزاق الدلابيح الذي زُف على أكتاف النشامى أمس الاول، ترى في وجهه وملامحه السمراء عنفوان ومروءة الفارس الشجاع المقدام، وشموخ وأنفة الاردني التي تعانق السماء ولا ترضى بالذل والمهانة والظلم، وتقرأ في عينيه اخلاق النبلاء، وبريق العزيمة والاصرار.
شهيد الواجب المتسلح بعلمه وفروسيته لبى نداء الوطن بكل اقتدار فارداً صدره للموت لا يساوره شك في ان الوطن وأمنه وسِلم أبنائه قيمة سامية تفدى بالمهج والارواح، بلا تردد أو ريبة، فكان الخبر المفجع عندما انبرى الشهيد الدلابيح لثلة مجرمة اغتالته بكل خسة.
الدكتور الدلابيح من مواليد قرية الكفير في جرش عام 1978 التحق بميادين الشرف في جامعة مؤتة الجناح العسكري في العام 1996 وتخرج منها في العام 2000 لينضم الى قوافل فرساننا البواسل الذين لم تهن لهم عزيمة ولم تلن لهم قناة.
يشهد له اقرانه وزملاؤه بالالتزام والانضباط والحرفية طيلة فترة دراسته وعمله خلال تنقله في عدد من وحدات وادارة الامن العام الامر الذي اصابهم بالصدمة والذهول من هول الفاجعة بفقدان فارس نبيل يشهد لهم القاصي والداني بانضباطيته واخلاصه وتفانيه فداء للوطن.
الشهيد الدلابيح كان عصاميا مثابرا لم يتوقف عند حدود الجندية والفروسية بل توجها بحبه وطلبه للعلم برغم كل ظروف الحياة العسكرية، فختم حياتها العلمية بالحصول على درجة الدكتوراة في القانون الدولي وعمل مدرسا في اكاديمية الامير الحسين بن عبالله الثاني للحماية المدنية وتدرج حتى وصل الى رتية نائب العميد بفضل اخلاصه وتميزه الاكاديمي.
شهيد العلم والبطولة، يشهد له تلاميذه الذين نهلوا من علمه الوفير بقدرته وتميزه وابداعه في الحقل الاكاديمي حيث كان الابرز والاقرب اليهم، وهذا ما عايشناه من الصدمة والحزن الكبيرين الذين خيما على طلبته وزملائه وكل من عرفه في الحقل الاكاديمي،ما إعتبرته الاوساط الطلابية والاكاديمية خسارة كبيرة..
فقد الشهيد العقيد الدلابيح العالم والفارس النبيل كان كبيرا ومريرا ونسال الله ان يتغمده بواسع رحمته وان يلهم اهله وذوية الصبر والسلوان لكن عزاءنا بانه باذنه تعالي ارتقى شهيدا في عليين في مكان يستحقه هذا الفارس المعطاء وهذا ديدن الاردن وجنوده المخلصين الذين لطالما يزفون قوافل الشهداء بالذود عن الحمى.
وعلى المستوى الاكاديمي والبحثي كان للشهيد الدلابيح العديد من المؤلفات الأكاديمية من بينها كتاب «المنظور الاستراتيجي للمحكمة الجنائية الدولية» الصادر عن دار وائل للطباعة والنشر العام 2020، والتي جسد تميزه بالحقل الاكاديمي،ولتبقى بصماته العلمية حاضرة ليستفيد منها طلبة العلم.
حياة الشهيد المهنية زاخرة ومتميزة، وكان آخر منصب يشغله العقيد عبدالرزاق الدلابيح في مديرية الأمن العام نائب مدير شرطة محافظة معان، وقد تدرج في الجهاز بمناصب عديدة تولى خلالها مناصب قيادية، كما وعمل الراحل في بعثة الأمم المتحدة بدارفور في السودان (2016-2017).
لمحمد وشقيقاته الثلاثة ووالدتهم ووالدة الشهيد «الحاجة الصابرة» وذوي البطل الدلابيح، خالص العزاء والمواساة وحق لهم ان يفاخروا الدنيا بمن سطر ملحمة بطولية في استبساله بالذود عن الوطن وابنائه وحماية ارواحهم وأمنهم وممتلكاتهم،وقدم روحه فداء للوطن الأعز والأغلى.
سلام على روح شهيد الوطن والفداء الطاهرة، وألف سلام على فارس اردني لا يشق له غبار.. الفقد كبير بخسارتك لكن هذا لن يثنينا عن القصاص من الجناة والمجرمين، ولا يزيدنا الا عزيمة بأن نحمي هذا الحمى ونفديه بالمهج والارواح.. رحم الله الشهيد البطل عبدالرزاق.. وللوطن وقيادته وأبنائه خالص العزاء...
كلنا أمل بأن تكون الحادثة المؤلمة باستشهاد البطل العقيد الدكتورعبدالرزاق الدلابيح و قطرات دمه الزكية سترسم الحد القاطع والفاصل بين الفوضى والاستقرار، وبين الاحتجاج السلمي المشروع، والعنف المجرم بكل ادواته واشكاله والذي لا يعود على الوطن وابنائه بخير.... حمى الله الأردن من كل شر....