كتاب

عن مادبا والسياحة والعشيرة وأشياء أخرى 

لمادبا في ذاكرتي الشخصية مكانة خاصة، ففي مادبا حققت أول فوز وجائزة خارج محافظة اربد، كان ذلك في بداية سبعينيات القرن الماضي عندما زرت مادبا ضمن رحلة لمركز شباب اربد للمشاركة في تجمع لعدد من مراكز شباب مؤسسة رعاية الشباب، التي كان يقودها في تلك الأيام سمو الأمير رعد بن زيد وسيادة الشريف فواز شرف، في اطار رؤية واضحة، هدفها تربية جيل منتمٍ لوطنه وأمته، يمتلك المعرفة والمهارات العملية، من خلال الورش المهنية التي كانت في الكثير من مراكز الشباب، يومها كان مشرف مركز شباب اربد القائد الكشفي والشبابي والتربوي المرح?م فهد قاقيش، وكان مشرف مركز شباب مادبا الأستاذ والمربي أكرم مصاروة أطال الله عمره، الذي ربطتني به علاقة حب واحترام من يومها.

بعد ذلك تطورت علاقتي بمادبا، فقد تعاونت مع المرحوم ميشيل حمارنة يوم كان مديرا للسياحة وكنت أنا مساعداً لمدير دائرة الإعلام التنموي، يوم كان لدينا إعلام يخدم التنمية، في تلك الفترة قمت بإعداد وتنفيذ سلسلة برامج تلفزيونية حول المواقع السياحية في الأردن كان لمادبا حصة كبيرة منها، وعبر هذه السنوات ارتبطت بصداقات عديدة بمادبا، فبالإضافة لأكرم مصاروة وميشيل حمارنة صادقت الدكتور مصطفى حمارنة والدكتور منذر حدادين والمرحوم أحمد قطيش الازايدة (أبو بلال) وخالد أبو الغنم وغيرهم، ممن عززوا مكانة مادبا في القلب.

مناسبة هذا الحديث عن مادبا هو النشاط الذي نفذته جماعة عمان لحوارات المستقبل في إطار سعيها لإبراز المنجز الوطني، فتعاونت مع ديوان عشيرة الحدادين بالتنسيق مع مديرية السياحة بمادبا وبلدية مادبا الكبرى، بتنظبم نشاط شارك فيه عدد من الكتاب والإعلاميين من أعضاء وأصدقاء جماعة عمان لحوارات المستقبل، بمناسبة اختيار مادبا عاصمة للسياحة العربية لعام2022، وهو الاختيار الذي جاء حصاداً لزرع طيب لمديرة سياحة مادبا، ومعها المؤسسات الرسمية والأهلية في مادبا التي تتكاتف هذه الأيام لإنجاح عام مادبا عاصمة للسياحة العربية، وفي?إطار هذا التكاتف جاء تحرك ديوان عشيرة الحدادين الذي يرأسه الدكتور منذر حدادين وهو من أوائل الأردنيين الذين يحصلون على درجة الدكتوراة في الهندسة، وهو أول من يعمل بهذه الدرجة العلمية في أجهزة الدولة الاردنية، وحالة الدكتور منذر حدادين تقدم دليلا قاطعا على أن العشائر الأردنية هي التي تحملت مسؤولية تطوير وتنمية بلدنا، عندما أصرت هذه العشائر على تعليم أبنائها وأرسلتهم في سبيل ذلك إلى أقاصي الأرض، وأنفقت في سبيل ذلك الغالي والنفيس مما تملك، ليعود هؤلاء الأبناء ليتحملوا مسؤولية تطوير وتنمية بلدهم، وتجربة الدكتور ?نذر حدادين في سلطة وادي الأردن نموذج مشرق ودليل مادي ملموس على هذه الحقيقة. ليأتي تحرك ديوان عشيرة الحدادين لإنجاح مادبا عاصمة للسياحة العربية برهانا جديدا على أن عشائرنا والكثير من دواوينها هي منارات تنوير من جهة، ومراكز لنشر الثقافة التنموية من جهة أخرى، فوق أنها مدارس لتنمية الانتماء الوطني المستنير.

لقد نبهني النشاط الذي نظمه ديوان عشيرة الحدادين بالتعاون مع جماعة عمان لحوارات المستقبل لواحدة من أجمل مشاهدات هذا النشاط، الذي زرنا فيه مادبا وعدداً من مواقعها السياحية والأثرية، وهي أكثر وأغنى من أن تتسع لها زيارة واحدة ويوم واحد.

أما المشاهدة التي أتحدث عنها والتي تثلج الصدر فهي روح الجماعة التي يتحرك بها المادبيون وبحماس شديد لإظهار مزايا مدينتهم ومحافظتهم، وإصرارهم على حسن توظيف هذه المناسبة.. وللحديث بقية.