كتاب

هل ارتفاع سعر الفائدة للفيدرالي الأميركي نعمة أم نقمة؟

تظهر المؤشرات الأخيرة أن سعر الفائدة يمكن ان يرتفع في الولايات المتحدة الى ٦٪، بعد أن سجل قبل أيام ٤٪. مع رغبة الماليين الأميركيين في الوصول الى حاجز ٦٪ او أكثر خلال أسابيع قليلة وذلك لزيادة معدلات التوظيف والتقليل من البطالة. ولكن سيكون لهذا الاجراء أثر عكسي على التضخم الذي بات في سباق مع سعر الفائدة.

حين ترتفع الأسعار الى حد كبير سيؤثر ذلك على توقعات التضخم وسياساته ما ينعكس على العقلية التضخمية في الاقتصادات الدولية وخاصة الدول النامية المرتبطة بسياسات الولايات المتحدة ومنها الدول العربية. فالولايات المتحدة تسعى الى تحقيق نسبة عمالة ٤-٥٪ والوصول الى معدل تضخم لا يتجاوز ٢٪. لكن الواقع اليوم مع التضخم غير ذلك، فنسبة التضخم مع نهاية شهر أكتوبر وصلت الى ٨٪. وهنا خروج عن السيطرة ما يعني التأثير على السيولة في السوق بل سحبها من المواطنين ومن الشركات، ما يدخل الأسواق في حالة من الركود الشديد.

فمؤشرات البطالة تدل على ان الاقتصاد الأميركي ينمو بسبب انخفاض معدلات البطالة الى ٣.٥٪ لكن معدل التضخم وصل ال ٨.٢ ٪ وهو مرشح للزيادة أكثر من ذلك. وصل معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي إلى ٢.٦٪. أما معدل ما يسمى بالطاقة الإنتاجية، فقد ارتفع في كافة القطاعات الى ٨٠٪ وهو من اعلى المؤشرات على مدى عقود طويلة. ومع ذلك هناك مؤشرات إيجابية للاقتصاد الأميركي ومنها نسبة الديون المتعثرة والتي وصلت الى ١.٢٪.

رغم رفع سعر الفائدة وصل مؤشر التذبذب Volatility Index الى ٢٦ نقطة بعد ان كان إبان ازمة كورونا أكثر من ٨٠ نقطة. أما سعر اقتراض الشركات الأميركية، فقد وصل الى ٨٪ بينما وصل سعر اقتراض الحكومة الأميركية الى ٤٪ بالمقابل كان هذا السعر قد وصل الى أكثر من ٨٪ في ظل جائحة كورونا.

والسؤال المطروح هو: الاقتصاد الأميركي الى أين؟

هل يمكن ان يدخل في تباطؤ؟ إن مؤشر الدولار وسعر صرفه امام سلة من العملات العالمية والناشئة يظهر أن الدولار هو عند اعلى مستوياته منذ ٤٠ عاما، ما يعني ان الطلب عليه كبير وهذا سيؤثر على المشتريات العالمية من الولايات المتحدة أي ان الصادرات الأميركية زادت قيمته بالنسبة للمستوردين. فعلى المدى الطويل سيؤثر على الاقتصاد الأميركي في العام ٢٠٢٣.

كما ان التمويل العقاري أصبح صعبا وهو عند أدنى مستوى له منذ ٣٠ عاما بسبب رفع سعر الفائدة. وهذا سيؤدي الى ضعف في عملية التطوير العقاري الأميركية وعمليات الشراء.

مؤشر سوق المال SP500 فقط ٢٠٪ من قيمته. وهذا يعني أن البنك الفيدرالي الأميركي يرى ان هناك ارتفاعا كبيرا للأسعار بشكل شهري وسنوي، وهو يسعى ان يكون التضخم بحدود ٣٪ فقط. واليوم يقف البنك الفيدرالي الأميركي امام مفترق طرق: رفع سعر الفائدة سيؤدي الى تردد المستثمرين في الحصول على قروض لشراء منازل او سيارات او حتى للأعمال.

كل هذا سيؤثر على الأسواق الناشئة ستتضرر كثيرا بل سيئن ما يعني ان الدول ستؤدي الى مواكبة الزيادة في سعر الفائدة الذي يحدده البنك الفيدرالي الأميركي حتى وإن كانت عملاتها محررة. وهذا يعني هروب رؤوس الأموال من الدول الناشئة الى الولايات المتحدة لان الولايات المتحدة قد صدرت أزمتها للعالم، أي تصدر ازمة الركود الى العالم.

وهنا يبرز السؤال: هل يمكن للدول الناشئة الاستمرار في مواكبة رفع سعر الفائدة ام أن تترك سعر الصرف للعملة المحلية حتى تتآكل عملاتها المحلية مقابل الدولار ما يؤثر على التركيبة الاجتماعية واختفاء الطبقة الوسطى إن وجدت.

إذا خفضت الولايات المتحدة سعر الفائدة، يعم الخير عالميا. ولكن في حال رفع البنك الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة أكثر فأكثر فإن العالم سيئن تحت وطأة ارتفاع السعر لأن ذلك سيؤثر على الطاقة المثلى في الاقتصاد ما يؤثر على الطلب والعرض وقمية العملات الدولية تجاه الدولار.