كتاب

الملك في قمة المناخ.. صوت السلام الأخضر للتغيير والتنفيذ

أطلق الملك عبدالله الثاني، في كلمته أمام مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP-27)، المنعقد في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية، مبادرة «مترابطة المناخ - اللاجئين»، وأكد جلالته أن هدف المبادرة: إعطاء أولوية الدعم للدول المستضيفة التي تتحمل عبء التغير المناخي.

وفي قمة المناخ، أعاد الملك، باسم المملكة، ما تقره الأمم المتحدة بأن اللاجئين حول العالم والدول المستضيفة الأكثر عرضة لآثار التغير المناخي؛ لهذا دعا جلالته دول العالم إلى المصادقة على مبادرة الأردن: «مترابطة المناخ–اللاجئين» ومعالجة الأزمة، العلاقة الجيوسياسية والبيئية والمناخية، التي تقدم المملكة مبادرتها للحوار والتنفيذ.

مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP-27)، في شرم الشيخ، منح دول المنطقة والإقليم، مهمة التنوير، وإطلاق جملة من الخبرات والإجراءات للتعامل مع التغير المناخي على مستوى دولي، إقليمي أممي مختلف، ومتجدد، لتكون القمة: «قادرة على إحداث التغيير الملموس وتحقيق النتائج بسرعة وفاعلية كبيرتين»، بحسب رؤية جلالة الملك السامية.

صورة المملكة النموذج والدولة الأردنية، التي تحافظ على التزاماتها في خصوصية قضايا المناخ والبيئة، أمر تسترشد الحكومة الأردنية بما في الفكر والاستمارة الملكية من حرص موسع وعميق ومشاركة دولية وأممية واقليمية، فالملك قالها بجدية وتحدٍ... «التغير المناخي ليس جديداً علينا، ونحن نواجه التهديدات المناخية ذاتها التي تواجه منطقتنا بأكملها» وعزا الملك هذا التحدي أمام المؤتمر بما هو آت:

*أولاً:

لقد تراجع متوسط هطول الأمطار إلى النصف خلال العقود الخمسة الماضية، بينما تراجع نصيب الفرد من المياه بنسبة ثمانين بالمئة.

*ثانياً:

يتراجع منسوب مياه البحر الميت بمعدل ثلاث أقدام سنويا، فيما تتدفق في نهر الأردن سبعة بالمئة فقط من المياه بالمقارنة مع معدلها التاريخي.

*ثالثاً:

اختفت واحات بتنوعها الحيوي الغني في غضون عقود قليلة في المنطقة.

*رابعاً:

في الوقت الذي يثير فيه التغير المناخي والسياسات الأحادية المتعلقة بالموارد المائية القلق بشأن مستقبل نهر النيل ونهري دجلة والفرات.

*خامساً:

تسببت درجات الحرارة المرتفعة وندرة المياه في الأردن بالضغط الشديد على مواردنا المحدودة، وقد تفاقم بفعل الازدياد غير الطبيعي في النمو السكاني الناجم عن التدفق الهائل للاجئين.

كشف الملك، أمام العالم وقمة المناخ الأممية، عن صلب الإيمان الملكي الهاشمي، السامي، في أن الأردن بسجله الحافل بالمشاريع الناجحة في مجال الاستجابة لآثار التغير المناخي، حريص على أن يكون مركزاً إقليمياً للتنمية الخضراء، وهذا يعظم قوة وحضارة ثقافتنا الأردنية وهويتنا الداعمة للحوار الإبداعي، الذي جعل سياساتنا الثقافية والاستثمارية والسياسية والفكرية، إبداعية تشاركية، من خلال ان الأردن: «يعمل بالشراكة مع مصر، والعراق، والإمارات، والسعودية، والبحرين، ودول أخرى لزيادة منعة المنطقة بأكملها».

الأردن، وصورة الملك المفكر المستنيرة، منحت صوت المملكة فرصة عرض، أهم العوامل المطلوبة للنجاح، في قمة بمستوى قمة المناخ التي نجحت مصر في عقدها، ويرى الملك عبدالله الثاني عوامل النجاح:

* العامل الأول:

تحقيق التكامل الوثيق بين إجراءات التعامل مع التغير المناخي والتنمية الاقتصادية، بحيث يعكس هذا النهج التكاملي الواقع الذي نعيشه، وهو أن التنمية الاقتصادية المستدامة في القرن الحادي والعشرين تتطلب موارد وممارسات خضراء.

لقد وجدنا حلولا في الطاقة المتجددة، وتحلية المياه، وتقنيات الري الحديثة، والانتقال إلى وسائل النقل الكهربائية.

ويسير برنامج الأردن للتعافي الأخضر بالتوازي مع رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقتها المملكة، فنحن نعمل على الاستثمار في مواردنا الوفيرة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويعد الأردن رائدا إقليميا في إنتاج الطاقة النظيفة، إذ يتم توليد 29 بالمئة من الكهرباء من خلال الطاقة المتجددة، ونسعى لتصل النسبة إلى 50 بالمئة بحلول عام 2030، كما تمكنا من زيادة مساهمة المملكة في التقليل من الانبعاثات الكربونية بمضاعفة هدفنا للعام 2030، ونعمل على تشجيع الشراكات الاقتصادية الخضراء لتوفير فرص العمل الجديدة ومستقبل من الأمل.

*العامل الثاني:

إن نجاح إجراءات التعامل مع التغير المناخي، وهو التعاون الوثيق على المستويين الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى التعاون بين القطاعين العام والخاص، للاستفادة من الفرص والتشبيك بين الموارد والقدرات، كما أن أحد أهم الجوانب هنا هو توفير التمويل للدول النامية للتخفيف من الأضرار المناخية والتكيف مع آثارها.

الأردن، بسجله الحافل بالمشاريع الناجحة في مجال الاستجابة لآثار التغير المناخي، حريص على أن يكون مركزا إقليميا للتنمية الخضراء، فنحن نعمل بالشراكة مع مصر، والعراق، والإمارات، والسعودية، والبحرين، ودول أخرى لزيادة منعة المنطقة بأكملها، إذ يوفر الأردن مجالا واسعا من الفرص للاستثمار في مبادرات تعنى بالمناخ، مثل البنية التحتية الخضراء، والمركبات الكهربائية، والزراعة، وقطاعات أخرى. كما أننا نعمل مع الإمارات في مشروع الازدهار لزيادة موارد الطاقة والمياه النظيفة، فيما يجري العمل على مشروع مبتكر في محمية العقبة الب?رية.

..* وقد تكون القضية التالية من عوامل البحث المهمة مناخيا:

قضية مهمة للأردن والأردنيين، في الدعوة الملحة لإنقاذ مواقع التراث العالمي المهددة بفعل التغير المناخي، فالبحر الميت ونهر الأردن كنوز من الماضي وموروث للمستقبل، ويتحتم علينا أّلا نكون الحلقة التي تكسر هذا الرابط.

الملك، بجدية عالية، عزز المؤتمر بشعار حكيم: «مناخ عالمنا، بخيره وشره، غير قابل للتجزئة، ويتعين علينا أن نوحد صفوفنا للتعامل معه، ففي صراع الحياة على هذه الأرض، ليس هناك متفرجون، وكل فعل له أثره».

.. وهي حكمة حضارية لتأمل هذا الكون وتنفيذ تطلعات إنقاذه.

huss2d@yahoo.com