أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء فرض الأحكام العرفية في أربع مناطق أوكرانية ضمّتها موسكو مؤخرا، فيما بدأت السلطات الموالية للكرملين في خيرسون الانسحاب من المدينة الواقعة في جنوب أوكرانيا التي تحرز قواتها تقدّما.
وتزامن قرار بوتين مع إعلان أوكرانيا إسقاط "صواريخ روسية عدة" فوق كييف في اليوم الثالث على التوالي في سياق ضربات تشنها روسيا بالصواريخ والمسيّرات على العاصمة الأوكرانية بعد سلسلة نكسات عسكرية لموسكو.
ويسمح المرسوم الذي أصدره بوتين لفرض الأحكام العرفية في المناطق الخاضعة لسيطرة موسكو، بتعزيز صلاحيات السلطات المحلية في المناطق الحدودية الروسية، ويأتي في أعقاب سلسلة هزائم عسكرية ميدانية.
وقال بوتين "نحن نعمل على حل المهمات المعقّدة جدا الواسعة النطاق لضمان الأمن وحماية مستقبل روسيا".
ويمنح المرسوم صلاحيات أوسع نطاقا للحد من حركة النقل إلى ومن وفي المناطق ويتيح إجلاء سكان هذه المناطق إلى "مناطق آمنة".
في الأثناء، بدأت السلطات الموالية للكرملين الانسحاب من مدينة خيرسون في جنوب أوكرانيا الأربعاء فيما أحرزت قوات كييف تقدما على الأراضي الخاضعة لسيطرة الروس منذ الأيام الأولى للحرب، في خطوة وصفتها كييف بأنها "محاولة روسية لتخويف" سكان المدينة.
وفي أنحاء من أوكرانيا استعادتها كييف مؤخرا من القوات الروسية، تجرى أعمال تصليح قبل حلول موسم الشتاء، لكن عددا كبيرا من السكان لا يزالون يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
وفي الساحة التي احتفل فيها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل أكثر من شهر بتحرير إيزيوم، قال إيفان زاخارتشنكو البالغ 70 عاما والمقيم في المدينة "باستثناء هذا الأمر (المساعدات) ما من شيء فاعل".
- الأوكرانيون "لن يستسلموا" -
وكانت خيرسون أول مدينة كبرى تسقط في أيدي قوات موسكو بعد الغزو الروسي في نهاية شباط/فبراير وستكون استعادتها بمثابة تقدم كبير في الهجوم الاوكراني المضاد المستمر.
وقال فلاديمير سالدو رئيس سلطات الاحتلال الروسي مباشرة على قناة "روسيا 24" التلفزيونية "اعتبارا من اليوم تنقل كل هيئات السلطة الموجودة في المدينة والإدارتان المدنية والعسكرية وكل الوزارات نحو الضفة الشرقية" لنهر دنيبر الذي يحد خيرسون.
لكن كبير الموظفين في الرئاسة الأوكرانية أندريه يرماك وصف التدابير بأنها "استعراض دعائي"، متّهما الروس بـ"محاولة تخويف أهالي خيرسون".
وكتب على تلغرام أن القوات الأوكرانية "لا تفتح النار على مدن أوكرانية".
وفي تقدير للصمود الأوكراني منح البرلمان الاوروبي الأربعاء جائزة سخاروف للدفاع عن حرية الرأي للشعب الأوكراني "الشجاع" الذي يواجه الغزو الروسي.
وبعد الجائزة أطلق زيلينسكي تغريدة جاء فيها "الأوكرانيون يثبتون تفانيهم في (الدفاع) عن قيم الحرية والديموقراطية كل يوم في ميدان المعركة".
- عمليات إجلاء بالعبّارات -
وتقع خيرسون على الضفة الغربية لنهر دنيبر، في الجانب نفسه الذي كانت القوات الأوكرانية تتقدم فيه عبر هجوم مضاد بدأ في آب/أغسطس.
وأوضح سالدو أن الانسحاب والإجلاء المنظم للمدنيين من المدينة، كانا إجراءً احترازيا متعهدا أن تواصل القوات الروسية "القتال حتى الموت" ضد أوكرانيا.
وقال مسؤولون محليون إنهم يخططون لإجلاء ما يصل إلى 60 ألف مدني من خيرسون في غضون ستة أيام تقريبا.
واستهدفت القوات الأوكرانية جسورا عبر النهر لتعطيل خطوط الإمداد، لذلك تتم عمليات الإجلاء بالعبارات، على ما قال مسؤولون روس.
وعرضت قناة روسيا 24 التلفزيونية مشاهد لأشخاص ينتظرون ركوب العبارات لعبور النهر.
وقالت السلطات الموالية لروسيا إن المدنيين لن يسمح لهم بالمغادرة إلى باتّجاه روسيا أو مناطق يسيطر عليها الروس في أوكرانيا.
وقال نائب حاكم المنطقة سيرغي خلان في مؤتمر صحافي إن "الاجلاء المعلن هو بمثابة ترحيل".
وأفاد سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف الاربعاء بأن "نحو خمسة ملايين من سكان" المناطق الأوكرانية التي ضمتها موسكو، موجودون حاليا في روسيا.
- اعتقال موظفي محطة نووية -
استعادت أوكرانيا السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي المحتلة في شرق البلاد خلال الأسابيع الأخيرة.
وكان تقدمها على الجبهة الجنوبية أبطأ بكثير لكنه اكتسب زخما في الأيام الأخيرة.
كذلك، كان هناك بعض التقدم الروسي.
فقد أعلنت القوات الروسية الثلاثاء أنها استعادت أراضيَ من القوات الأوكرانية في منطقة خاركيف في شرق البلاد.
وأعلنت موسكو أنها تعمل على تدعيم دفاعاتها في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
من جانب آخر، قالت مجموعة "فاغنر" الروسية إنها تعمل على بناء خط دفاع محصن في منطقة لوغانسك في شرق أوكرانيا.
وقال مؤسس المجموعة يفغيني بريغوجين المقرب من الكرملين "بدأت مجموعة فاغنر شبه العسكرية بناء خط دفاعي محصن في منطقة لوغانسك بشرق أوكرانيا".
ونشر رجل الأعمال المقرب من الكرملين في حسابات شركته "كونكورد" على وسائل التواصل الاجتماعي "إنه دفاع متعدد المستويات والطبقات".
في السياق، تواصل القوات الروسية احتلال محطة زابوريجيا للطاقة النووية في جهة مختلفة من نهر دنيبر.
وأكد رئيس مجموعة "إنيرغوأتوم" الأوكرانية بيترو كوتين أن "حوالى خمسين" موظفا في محطة زابوريجيا النووية التي تحتلها القوات الروسية في جنوب أوكرانيا منذ آذار/مارس، ما زالوا "أسرى" لدى الروس.
- عقوبات أوروبية على إيران؟ -
وأعقب استعادة كييف مساحات من أراضيها في شرق البلاد وجنوبها شن روسيا ضربات صاروخية وجوية دمّرت قسم كبيرا من منشآت الطاقة.
وحذّرت الحكومة من خطر انقطاع التيار الكهربائي، مشيرة إلى أن 30 بالمئة من محطات الكهرباء في أوكرانيا قد دمّرت.
وقصفت طائرات مسيّرة كييف الاثنين ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص.
والثلاثاء تعرّضت منشأة للطاقة في المدينة لضربات، ما أوقع قتيلين.
والأربعاء أعلن رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو أن أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية أسقطت "صواريخ روسية عدة" فوق المدينة، وكان مراسلون من وكالة فرانس برس أفادوا بسماع دوي العديد من الانفجارات في وسط المدينة.
وتتّهم كييف وحلفاؤها الغربيون موسكو باستخدام طائرات مسيرة إيرانية الصنع لتنفيذ الضربات، وهي خطوة وصفها الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأنها دليل على فشل روسيا.
لكن الكرملين أكد الثلاثاء أن "لا معلومات لديه" حول استخدام الجيش الروسي طائرات مسيرة إيرانية الصنع في أوكرانيا.
وفي السياق، أكد سلاح الجو الأوكراني الأربعاء أنه دمر 223 طائرة مسيرة إيرانية الصنع منذ منتصف أيلول/سبتمبر فيما نفت طهران مرارا في الأيام الأخيرة تزويد روسيا بأسلحة وطائرات مسيرة لغزوها أوكرانيا.
والأربعاء أعلنت نبيلة مصرالي المتحدثة باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن التكتل جمع "أدلة كافية" تشير إلى أن إيران تزوّد روسيا طائرات مسيّرة فتاكة ويسعى لفرض عقوبات على طهران.