كتاب

لولا تلك الفئات!

عدت مع ساعات الصفاء وقد هدأت الحركة في عمّان وضواحيها، نظرت وتأملت جمالها وقد اكتست بالعديد من الأشجار والمناظر الجميلة، وعدت إلى سائر الصور الطيبة في النفوس وكم نسعد بها لولا تلك الفئات التي تعكر صفونا وتحبط العزيمة وتلون السواد وتبث السموم وتعتدي على الحرية العامة وتفعل الكثير وتسرق منا راحة البال.

وحده كان الباص السريع في مسربه، ينتقل وينقل صورة طيبة لراحة مرتاديه، ويطلق الإشارة إلى حجم ما لا نلتفت اليه من هدوء بعيدا عن الضوضاء والفوضى والتركيز على السلبيات والأوهام.

ثمة العديد من جوانب الخير وأهله فينا، وثمة أعمال كثيرة وعديدة تحتاج إلى إبراز وبث بكثافة وإشاعة البركة في القليل والذي يكبر ويغدو عظيما بالتراحم والعطاء والجود والكرم والبذل والعطاء والفرح والسعادة والرجاء.

خلال ساعة صفاء و» وروقان » يمكن وبسهولة اكتشاف العديد من ملامح النقاء في مسيرتنا نحو الغد والمستقبل ومتابعة تلك المناظر الخلابة في عمّان وسائر المدن الأردنية العزيزة والحبيبة، والتي تزخر بمكونات الجمال والبساطة والأصالة.

لولا تلك الفئات الضالة والمضللة والتي تسعى في الخراب والدمار والفساد واغتيال الفرح، لكنا ننعم برغد العيش والذي هو متاح من خلال العديد من جوانب التدبر في أشياء كثيرة تحيط بنا وقد لا نلتفت إليها كثيرا مع زحمة الركض ومسابقة الزمن لكسب لقمة العيش.

نحتاج لبرهة من التأمل والصفاء والخلود مع النفس وعيش لحظات صادقة ومقدرة مع ما قسمه الله لنا وفي المجالات كافة، دون مقارنة مع الغير وجلد الذات والشكوى والتذمر والتأفف والحقد والحسد والغيرة.

نعم تلك الفئات هي سبب لمشاكل كبيرة وخطيرة وجسيمة، تكاد تغتال صحتنا، أمننا، وكل ما له صلة بحياتنا، ولكن نستطيع بما قدره الله من نية الخير الصادقة، محاربتها والقضاء عليها وهي تحاول وتحاول وعبر ما تستطيع من حيل ومكائد خبيثة لبث سمومها في المجتمع ؛ حادثة واحدة وأخرى قليلة ما تزال هي، ويجب أن تبقى كذلك حتى لا نفسد مكونات حياتنا بها.

لولا تلك الفئات الفاسدة والمفسدة لكنا نعيش بسلام وأمنان واطمئنان وراحة، ولكن لماذا تؤثر تلك الفئات علينا بقوة؟ ولماذا تأخذ مساحة كبيرة من اهتمامنا؟ وأسئلة عديدة وكثيرة، ولعل الإجابة تكون في حجم التغطية في وسائل التواصل الاجتماعي والاشادة بها وبتجربتها وتفاصيل عديدة تنتشر وللأسف عبر تلك الوسائل بسرعة غير مسبوقة وبكثافة مدروسة لبث الرعب والخوف في النفوس.

لولا تلك الفئة التي تستفيد من نتيجة مباراة كرة قدم، وحادث سير، ومشاكل تحدث هنا وهناك، لكنا نعيش في هدوء وثقة والتزام وتطلع نحو المستقبل بتفاؤل وأمل ورجاء، وكم يلزمنا الكثير لنراقب تلك الفئات ونكون لها بالمرصاد من خلال التربية السليمة والحوار النقي والمكاشفة الصريحة والمتابعة الدقيقة والتخطيط الصحيح والإدارة الواعية لشؤون الحياة العامة والخاصة على حد سواء.

حين نعود لمجالات الخير والنقاء في مجتمعنا، نفشل محاولات تلك الفئات من النجاح وبث اليأس والقنوط والسلبية والإحباط، ولعل جميع المبادرات الطيبة التي تنطلق تحتاج إلى المزيد من التغطية الإعلامية المكثفة مقابل ما يبث لصالح تلك الفئات من صور ومقاطع فيديو وتسجيلات صوتية وتفاصيل شائكة.

فينا الخير وما يزال ؛ صدقة تطفئ الغضب، ولقمة تمنع النقم، وقطرة تصنع المطر، وأشياء كثيرة وعديدة يمكن الالتفات لتكبر وتنمو وتصنع الفرق، عندما نبعد ونبتعد عن تلك الفئات المدمرة.

fawazyan@hotmail.co.uk