كتاب

هل بات العالم على المحك؟

منذ بداية الحرب في أوكرانيا، بدا واضحاً أن الحرب الباردة ما عادت كذلك بل إن ما هو مؤكد أن المواجهة على رقعة الشطرنج الأوكرانية أشعلت السباق النووي بين الدول التسع ذات التكنولوجيات النووية: روسيا، الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، المملكة المتحدة، الصين، الهند، باكستان، إسرائيل وكوريا الشمالية. ووفقاً لدراسة عسكرية غربية، فإن عدد الرؤوس النووية وصل في نهاية شهر يونيو ٢٠٢٢ إلى ١٢٨٥٠ رأساً نووياً مقابل ٩٥٣٠ رأساً مع نهاية العام ٢٠٢١، ما يعني أن هناك سباقاً محموماً بين الدول النووية لحماية نفسها والدفاع عن مكاسبها.

في دراسة غربية، وضعت المواجهة النووية بين روسيا والغرب على أساس سيناريو أُعِد للعام ٢٠٢٥، تسبقه توترات بين روسيا والناتو حول أوكرانيا «المتنازع عليها». ويكون السيناريو بأن تهاجم مجموعة مسلحة غير محددة الانتماء مواقع عسكرية روسية، يسفر عنها تسلل لمسلحين وإرهابيين إلى داخل الأراضي الروسية مدعومين بدبابات وطائرات وأقمار صناعية للاتصال والتعمية. لكن يبدو أن الروس قد أجهضوا ذلك السيناريو قبل سنتين من تحقيقه.

إن ما تمتلكه روسيا والولايات المتحدة يشكل أكثر من 92 بالمئة من الأسلحة النووية العالمية، بل إن روسيا تمتلك أكثر من 60 بالمئة من الترسانة النووية العالمية، وهذا بحد ذاته يرسل كافة الإشارات إلى أن روسيا قوة لا يمكن الاستهانة بها لا من قريب ولا من بعيد. وهنا لا يعني أنني أشجع الصناعات النووية أو امتلاكها، بل إنني من المؤيدين لنزع السلاح النووي من كل الدول.

فمنذ بداية الحرب الباردة، حصلت الولايات المتحدة على أنظمة استراتيجية لردع حرب نووية مع الاتحاد السوفيتي في ظل أسوأ السيناريوهات التي تصورتها الولايات المتحدة في ذلك الوقت. ونتج عن ذلك شراء وإنتاج عدد كبير من تلك الأنظمة التي تفوق الحاجة لها. من المتوقع أن تنمو الترسانة النووية في العالم في السنوات القادمة بعد أكثر من ثلاثة عقود من التخفيض المستمر للعدد الكلي للرؤوس النووية.

إذا كانت روسيا ستهاجم أوكرانيا بأسلحة نووية، فمن المرجح أن ترد دول الناتو على أساس أن تأثير الأسلحة النووية يتجاوز الحدود ويؤثر على البلدان المحيطة بأوكرانيا. ويمكن لحلف الناتو الرد إما باستخدام الأسلحة التقليدية، أو الرد بالمثل باستخدام الأسلحة النووية حيث ان لدى الحلف العديد من الخيارات المتاحة. إذ تمتلك الولايات المتحدة حوالي 150 قنبلة نووية من طراز B-61 في خمس دول تابعة لحلف شمال الأطلسي–بلجيكا وألمانيا وهولندا وإيطاليا وتركيا.

ولا بد من التذكير أن في أوكرانيا 15 مفاعلاً نووياً وتعتمد الدولة على الطاقة النووية بنسبة ٥٤ بالمئة لتوفير احتياجاتها من الكهرباء وبنسبة ٢٩ بالمئة على الغاز الطبيعي، و٥ بالمئة على الطاقة المائية، و٢ بالمئة على الطاقة الشمسية وواحد بالمئة على طاقة الرياح.

وفي الختام، لا بد من الاحتكام للغة العقل والحوار وعدم تغليب القوة والمصالح السياسية والاقتصادية على حساب الإنسانية والمصالح العالمية. فرهاب الشعوب أو الأعراق لا بد من أن ينتهي ولا بد معه من المعاملة بالمثل تكون فيها الدول الفقيرة ممثلة في مجلس الأمن ولها حق النقض (الفيتو) مثلها مثل الدول الخمس الدائمة العضوية. عندها يمكن أن نعيش في عالم يسوده السلام والوئام.