كتاب

الوقف التعليمي.. ضرورة للمواكبة

يتمثل الوقف التعليمي تاريخياً على المكتبات والمساجد والمدارس ودور العلم، وجلها تتعلق بالتعليم إذ تم حصر الغاية من تلك المؤسسات، وهو جزء من الإرث التاريخي العربي الإسلامي الذي لم ينقطع، بل بقي مستمراً وثابتاً. فالبعد الحضاري للوقف يتعاظم كلما تطور المجتمع ويزداد في فترات الازدهار ليكون جزءا أصيلا من عملية الدفع لعجلة العلم والمعرفة.

يمكن قراءة الوقف اليوم باعتباره شراكة عامة تجسد المسؤولية المجتمعية للتكافل ودعم قطاع التعليم من خلال ما يقدمه الواقفون من تبرعات تتفاوت بين العينية والنقدية، تسهم في توفير احتياجات المدرسة لتستطيع تقديم دورها بشكل أعمق وأكبر وتحسين البيئة التربوية والنهوض بالمستوى التعليمي فيها.

نحن بحاجة إلى توسيع قاعدة التوعية المجتمعية نحو هذا الموضوع الحيوي بحيث يحصل قطاع التعليم على نصيبه المناسب من الوقف المالي أسوة بغيره من القطاعات الأكاديمية في الدول الغربية خاصة، مع تزايد تنامي الوقف في الغرب وارتفاع الميزانيات الوقفية المخصصة لعدد من الجامعات والمراكز العلمية والتعليمية هناك للدرجة التي جعلت حجم الوقف التعليمي في جامعة هارفارد (54) مليون دولار على سبيل المثال عام 2021.

الوقف لن يكون بديلاً عن دور الحكومة في دعم قطاع التربية والتعليم، ولكنه يشكل إضافة نوعية للدعم الحكومي، ويزيد من الاستثمار بالتعليم بجميع مجالاته وتحسن البيئة المدرسية، ويحقق الوقف نهضة بالعملية التعليمية التربوية بكافة مكوناتها، إضافة إلى مساهمته بتغيير الصورة النمطية للوقف بحيث يصبح أعم وأشمل بحصول قطاع التعليم على نصيبه المناسب من الوقف.

التوجه نحو فكرة الوقف لبلورة مبدأ الاعتماد على الذات حسب ما صرحت به وزارة التربية. فقد ظهرت الحاجة لسد العجز ما بين احتياجات ومتطلبات وزارة التربية والتعليم من المدارس وما بين الإمكانات المتاحة خلال السنوات القادمة وبما يراعي التحديات الاقتصادية التي يعاني منها الأردن. وللوقف أهمية جلية في مساندة الوزارة في تنفيذ خطتها لتوفير الأبنية المدرسية والإضافات الصفية.

تكمن أهمية هذا التوجه في إيجاد داعم اقتصادي ومستقبلي للتعليم يعمل بشكل أساسي على تجويد العملية التعليمية. فهنالك حاجة في الوزارة إلى بناء (600) مدرسة خلال العشر سنوات القادمة يغطي التمويل الحكومي (400) مدرسة منها، وهنالك حاجة لتمويل (200) مدرسة. كما أن هنالك حاجة لإجراء عمليات صيانة وتحديث للمدارس القائمة التي شهدت ضغطا كبيراً، واكتظاظ في اعداد الطلبة كنتيجة لانتقال الطلبة إلى المدارس الحكومية وحركة اللجوء.

جاء الوقف كإحدى النقاط التي أشارت إليه الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك، فنحن اليوم أمام تحديات تستوجب من الجميع التكاتف لتستمر مسيرة الأردن نحو البناء والتقدم ليبقى الحمى عزيزاً بجهود بَنِيهِ كافة.