كتاب

سقوط العمارة

لقد حبا الله عاصمتنا الحبيبة عمان بتضاريس جبلية، فهي تمتد بشكل رئيسي فوق عشرين جبلاً، ولقد توسعت وأمتدت عمان خلال عشرات السنوات السابقة واصبحت تقسم الى شرقية وغربية، لاسيما بعد ضم العديد من البلديات إلى مايعرف (أمانة عمان الكبرى).

نعلم جميعنا بأن عمان هي العاصمة الاقتصادية والسياسية، وبسبب الظروف الاستثنائية كانت محطة لاستقبال العديد من الهجرات البشرية، وكذلك ارتفاع نسبة الهجرة الداخلية إليها، أسهمت تلك الظروف في امتداد البناء العمارني على طول وعرض جبالها، وكانت أغلب بيوتها لا تبنى من الحجر بل من (الدكة) وكانت مناطق مثل: جبل عمان واللويبدة وجبل الحسين، تعتبر من الاحياء الراقية، ولكننا نتفق جميعا بأن معظم تلك الأبنية، وبسبب الطبيعة الجغرافية الجبلية أصبحت أشبه بالسلاسل الحجرية المتراصة من الأعلى إلى الأسفل، وإذا جاز لنا التعبير أشبه ?بالبنيان المرصوص) وأعمارها تمتد إلى عشرات السنين، وقد تصل بعضها الى السبعين والثمانين عاماً، وكما نعلم أن البناء في هذه المناطق عامودياً وليس أفقياً، بسبب عدم توفر المساحات، لذلك تحولت إلى مبان بطوابق تصل في كثير من الأحيان إلى ما يزيد عن أربعة طوابق تم استغلالها،في كثير من الأحيان للمنفعة المالية. وما يعني أن ذلك شكل ضغطا كبيرا على البنية التحتية القديمة والمتعبة وغير المعدة لمثل هذا الحجم من الاكتظاظ الانشائي والسكاني.

أردت القول مما سبق ان المشكلة أكبر بكثير من انهيار بناية، بل ما بعد ذلك فنحن دائماً ما نبحث عن شماعة لكي نبرر بها حتى أخطاءنا، فإذا ما كنا نتفق أن هناك تراخيا لدى بعض المؤسسات العامة، وأن هناك حاجة الى مراجعة بعض التشريعات الناظمة لمواضيع الإنشاءات وتنظيم الأبنية، فلا يمكن أن نقبل أن نبعد اللوم عن أنفسنا كما فعل الساكن في الطابق الأرضي أو مالك «بناية اللويبدة»، عندما قام بإحضار عمال لهدم أو إزالة أعمدة او جسور في الشقة بداعي التوسعة دون استشارة مكتب هندسي متخصص، او حتى إعلام الجهات صاحبة الاختصاص مثل: امان? عمان الكبرى التي ثبت لاحقاً عدم تلقيها أي طلب بهذا الخصوص، أو حتى شكوى من قبل القاطنين أو المجاورين للبناء، علماً بإن هناك لجنة تنظر بمثل هذه القضايا تسمى (لجنة السلامة العامة) يرأسها الحاكم الاداري (وزارة الداخلية) مكان الاختصاص وعضوية امانة عمان، الدفاع المدني، نقابة المهندسين..

لقد أحزنني حجم التهكم والتهجم وتوجيه التهم جزافاً الذي ترافق مع «حادثة اللويبدة» الأليمة سواء على وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض وسائل الإعلام لا سيما بعض البرامج الإذاعية الصباحية بحق رئيس الوزراء والوزراء وأمين عمان لحضورهم لموقع الحدث، فماذا لو لم يحضروا؟ كلنا مع حق النقد، إن كان بناء، فلننتظر مخرجات التحقيقات التي يقوم بها المدعي العام وبعدها لكل حادث حديث.

أستاذ القانون الدولي العام