كتاب

حديث عن مجلسين!

الحديث اليوم عن مجلسين بعينهما، الاول هو المجلس الطبي الاردني والتعديلات المطروحة على قانونه من قبل وزارة الصحة وترفضها نقابة الاطباء، والثاني هو المجلس الصحي العالي الذي ما زال الحديث عنه موارباً أو مجرد جس نبض لاستخدامه كما يبدو لأغراض أخرى غير التي أُنشئ من أجلها عام ١٩٦٧ !

أما المجلس الطبي فلست لأباهي الآن بما بذلتُ في البدايات من جهد لإصلاحه على الصعيدين الحكومي والبرلماني حتى نال بعض حظه من التصويب لتحقيق اهدافه بتنظيم المهنة ورفع مستوى ممارستها وحمايتها من تسلل اصحاب الشهادات المزورة، ولا لأذكّر بما عانيتُ عندما كتبت فاضحًا عدم عدالة قانونه الذي وصمه البعض بالطبقية، وتعقيد امتحاناته التي أدت الى تشريد مئات من الكفاءات الطبية الواعدة خارج الوطن، بل لأشهد منصفاً بأنه قطع شوطًا في مراكمة الخبرة لدى اجيال من ممتحنيه لاتقان «تقييم» الاطباء الذين واصلوا مسيرة تحصيلهم العلمي وتدريبهم في الاختصاصات المختلفة وحصلوا على شهادات تثبت ذلك، ليس من أجل السماح لكل منهم بالممارسة كما يتوهم البعض فذلك حق اكتسبوه حين اجتازوا الفحص الاجمالي ليعملوا كأطباء عامّين، بل لتصنيف اختصاصاتهم الطبية التي سوف يمارسونها حسب قدراتهم ومهاراتهم الاضافية التي زادت وارتقت، وبالتالي لمنحهم الحق القانوني والأدبي في إعلام الناس والمرضى في القطاع الخاص عن مباشرتهم لها وعدم ادعاء ما ليس في وثائقها، وأيضا لاستخدامها في الحصول على المرتبة الوظيفية المستحقة في المؤسسات الطبية المختلفة في القطاعين، ومن البديهي ان ممارستهم تلك تظل رهناً بما يعرفون ومحدودةً بما يتقنون وليس بما قد تحوي قوائم تصنيفات تضعها لجان فنية يعينها المجلس! ولن أنسى وسط ذلك كله الاحترام الكامل لدور الطبيب العام فهو العمود الفقري للنظام الصحي في أي بلد.. ألا لا يستغربن أحد من عدم اشتراكي هذه المرة في معركة المجلس الطبي فالجيل الشاب أقدر على خوضها.

أما الحديث عن الثاني اي المجلس الصحي العالي فأؤجله للأسبوع القادم لكني امهّد بسطور كتبتها في العدد الثالث من مجلة ((السماعة)) عن انشائه في آذار ١٩٦٦: المجلس الصحي العالي أحد منجزات نقابتنا التي نعتز بها، سوف يرى النور بعد أيام قليلة.. له قصة طويلة حين كان فكرة تناقلها بعض الزملاء وتدارسوها،وبين الذين تحمسوا لها في بدايتها من اصبحوا وزراء للصحة (ولم يتذكروه)، إلى ان حدث اللقاء المباشر بين نقيبنا الدكتور وليد القمحاوي ودولة رئيس الوزراء وصفي التل الذي رحب بالفكرة وتعهد بإخراجها إلى حيز الوجود، ولم يكتف مجلس النقابة بهذا الوعد إذ ثابر على التذكير به وتم أكثر من لقاء بين نقيبنا ووزير الصحة، حتى اصبحت الفكرة حقيقةً وصدرت الإرادة الملكية السامية بإقرار نظام المجلس الصحي... ولأول مرة يكون للنقابات المختصة دور في تخطيط السياسة الصحية.

وبعد.. ليس مهما ًفي حمأة خلافنا حول هذين المجلسين او سواهما، من الرابح ومن الخاسر، بل ديدننا أن يظل الوطن هو الرابح دائما.