كتاب

بدأت حرب «الفاتورة»

لا أعرف لماذا وفي كل مرة تبدأ فيها الحكومة ودائرة ضريبة الدخل بتطبيق نظام إصلاحي كما الفوترة يستشيط عليهما بعض من التجار وممثليهم ومزودي الخدمة غضبا وهجوما على هذه الاجراءات، حتى ان بعضهم يرفض اعطاء الفواتير للمستهلكين وبحجج واهية، ولغاية واحدة لا غيرها وهي التهرب من دفع الضريبة المستحقة عليهم.

في هذه الاثناء دائرة ضريبة الدخل والمبيعات تحضر لعقوبات رادعة في حق الممتنعين عن تزويد اي مستهلك بالفاتورة وحتى لو كانت قيمتها عشرة قروش من قبل المكلفين والمستحقة عليهم ضريبة دخل او مبيعات، وكما انها اطلقت مؤخرا منصة وتطبيقاً الكترونياً يسهلان على المستهلكين ادخال فواتيرهم والحصول على مكافآت وجوائز قيمة، مدعومة بحملة توعية من خلال فيديوهات توضيحية ترشد فيها المستهلك على كيفية التعامل مع التاجر الذي يمتنع عن اعطاء الفاتورة وكيفية التعامل معه وكيفية طريقة الشكوى، غير ان هذا وعلى ما يبدو بدأ يزعج البعض منهم وينغص عليهم افكارهم الجهنمية في التلاعب في دفاترهم وما يدور بها من تلاعب من بعضهم والساعين الى التهرب ومضاعفة الارباح لديهم بالرغم انهم يتقاضونها من المواطنين.

لا اعتقد ان القائمين على دائرة الضريبة هذه المرة سيذعنون ويستسلمون للاصوات العالية والتشكيك والابتزاز من هذا وذاك، فالاوضاع المالية للدولة لا تتحمل مزيدا من التهرب والهدر والتصرفات التي تسببت باضاعة مليارات الدنانير على الخزينة والدولة طيلة السنوات الماضية نتيجة هذه التصرفات غير المسؤولة والقائمة على الجشع والطمع بزيادة الايراد على حساب كل شيء الا مصالحهم وزيادة غلتهم وثرواتهم، بينما خزينة الدولة تئن أمام حجم التحديات التي تقف امام تقديمها لخدمات يحتاجها المواطنون بشكل يومي.

ارتفاع ايرادات ضريبة الدخل والمبيعات خلال الفترة الماضية يؤكد ان القائمين على هذه الدائرة ليس في قاموسهم كلمات مثل التردد او التهاون او التساهل او الواسطة والمحسوبية في عملهم فقبضتهم من حديد ومتابعتهم دقيقة محتكمة للقانون في كل شيء في الجزاء والعقوبة والتغريم والاعفاء، وهذا ما بات يزعج الكثيرين ويجعلهم يكيلون الاتهامات والاشاعات وتضليل الرأي العام حول الكثير من الحقائق، ليخرجوا بدور البريء والمضطهد والمستغل والمستهلك من قبل الضريبة، وهو جل ما يفعله التهرب والتشويش على اصلاحاتنا الاقتصادية والتي لا مراد اليها سوى ان تتخلص من هؤلاء.

حجم التهرب الضريبي في المملكة كبير جدا ويصل الى ما يفوق المليار دينار سنويا على اقل تقدير، وهذا يتطلب الشراكة من قبل الجميع لكبحه والخلاص منه الى الابد، وخاصة اذا ما تخيلنا ان هذه الاموال تذهب وتصرف على المشاريع الرأس مالية والخدمية وتحسين جودتها للمواطنين.

'الفوترة» يبدو انها بدأت تنجح وهذا ما يؤكده حجم الفواتير التي قام المواطنون والمقيمون بتحميلها على تطبيق فواتيري والتي تجاوزت 200 الف فاتورة وخلال اسابيع، ما يعني ان الوعي الاستهلاكي اصبح اكثر نضجا وادراكا للمسؤولية تجاه الوطن في محاربة المتهربين الذين باتوا يخافون ان تكشف فاتورة موردة من مستهلك ألاعيبهم وتهربهم من تزويد دائرة الضريبة بها، فمن سينتصر في هذه المعركة؟