كتاب

الاتفاق النووي الإيراني.. أين يقف العرب؟

منذ قيام الثورة الخمينية في إيران، وهذه الدولة تسعى إلى التمدد والهيمنة، فإذا كانت إيران في زمن الشاه تلعب دور شرطي المنطقة، وخط الدفاع الأول في مواجهة المد السوفييتي، والحليف الأول للإميركان والغرب، كانت في كثير من الأحيان الحليف والصديق الأقرب لإسرائيل، وعلى علاقة ودية معها.

أعتقد أن إيران في زمن ما يسمى (الثورة الإسلامية) لم تختلف كثيراً، ولكنها أصبحت أكثر شراسة، وضرراً من زمن الشاه، بسبب اطماعها التوسعية (تصدير الثورة)، وتهديدها الدائم لجيرانها، وتدخلها في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية ونشر الفتنة وانشاء الميلشيات الطائفية في تلك الدول وزعزعة استقرارها بعد أن اصبحت متحكما أو شريكا بالوكالة في إدارة تلك الدول، بل وأصبحت تستغل تلك الميلشيات كوسيلة لتهديد الدول العربية المجاورة لها كما تفعل في اليمن وسوريا والعراق، ناهيك عن إثارة الفتنة الطائفية كما فعلت في البحرين والكويت، وما تفعله حالياً على الحدود الأردنية.

تحاول إيران أن تظهر بمظهر الحمل الوديع الذي يدافع عن الأمة الإسلامية ضد أميركا وإسرائيل، وأنها المدافع الأول عن حقوق الشعب الفلسطيني، في حين أنها تسعى لتحقيق حلمها «الصفوي» القائم على ولاية الفقيه.

إن امتلاك إيران للسلاح النووي يعتبر بمثابة (بيضة القبان) والورقة الرابحة التي تساوم بها الجميع، وتستخدمها كذريعة تلوح بها كلما استدعت الحاجة، وهي بمثابة وسيلة الردع ضد أي محاولة للاعتداء عليها، وتمتلك إيران أيضاً ترسانة من الصواريخ العابرة طويلة المدى، تهدد بها جميع الدول المجاورة وتكاد تتحكم بمضيق هرمز الذي يُصدر منه أغلب صادرات النفط والبضائع من وإلى الخليج العربي، وهي الآن تحاول استغلال مكانة (إسرائيل) لدى الولايات المتحدة والغرب بإعلانها المستمر للعداء معها، وانها المستهدف الأول لها وتقوم بمشاكستها عبر ميلشياتها في لبنان وسوريا وعلى الرغم من الضربات والاغتيالات التي تقوم بها (إسرائيل) في إيران وسوريا لم نسمع من إيران سوى التهديد والوعيد، فالغاية فقط هي دفع الغرب والولايات المتحدة للقلق والخوف والدفاع عن مصالحها في المنطقة بالدخول في مفاوضات تسعى من خلالها إيران الى نزع قبولهم باعتبارهم لاعبا أساسيا، وضمان دورها الإقليمي التوسعي في المنطقة.

للأسف فإن الغائب، والخاسر الأكبر هي الدول العربية التي وان كان من المفترض أن تكون الشريك واللاعب الأساسي في هذه المفاوضات باعتبارها مسرح العمليات والهدف المباشر، إلا أنها مازالت تعيش في حالة من الترقب، وتنتظر النتائج، في حين أن (إسرائيل) لم تتوان عن استخدام القوة والتهديد والضغط على جميع الاطراف لضمان مصالحها القومية والحقيقة المدهشة.

المطلوب اليوم، تمثيل ومشاركة عربية في المفاوضات فبدل أن تكون (5+1) ان تكون (6+1) ولكن وللاسف حالنا ينطبق عليه المثل «من لا ينفعك حضوره لا يضرك غيابه»، فما علينا سوى التطبيق، فنحن وبكل صدق الحاضر الغائب.