قريبا سيوضع حد لحالة الفوضى والانفلات والخسارة التي تسببت بها «التجارة الإلكترونية» على مدار السنوات السابقة لنظيراتها التقليدية، نتيجة فروقات الكلف التشغيلية فيما بينهما، فهل ستنجح جهود ضريبة الدخل والمبيعات في محاصرتها وإعادة المساواة فيما بينها واعادة الامل للتجار التقليديين الذين باتوا يئنون منها في كل يوم.
«التجارة الإلكترونية» بدأت تجتاح عالمنا وتسيطر على مختلف المعاملات التجارية لأسباب كثيرة أبرزها التطور الكبير في التكنولوجيا وانتشار الاتصالات والهواتف النقالة والانترنت في المملكة، بالإضافة إلى فروقات الاسعار ما بين المنتجات التي يتم شراؤها عبر هذه التجارة من الخارج واسعار المنتجات نفسها لدى التجار التقليديين والتي تعادل ضعفين او ثلاثة اضعاف ما يتم شراؤه عبر التجارة الالكترونية نتيجة ما يدفعه التجار التقليديون من رسوم وضرائب لا تدفعها التجارة الإلكترونية ما جعل من المنافسة ما بينهما شبه مستحيلة.
نعم كل شيء تطور غير ان هذا التطور يجب ان يكون له ضوابط ومعايير، فلا يجوز ان تبقى التجارة الالكترونية تسرح وتمرح وتهدد في كل يوم التجار باغلاق ابواب رزقهم وتتسبب في تسريح العمالة لديهم لتراجع المبيعات وانقراض المستهلكين الذين هجروا تلك المحال باتجاه المنصات الالكترونية التجارية المختلفة والتي تمارس اعمالها من خارج المملكة، والتي لا تتحمل اي كلف او تدفع اي ضرائب للدولة بدلا عن ممارستها للاعمال والتجارة في المملكة، بعكس التجار التقليديين الملتزمين بتوريد الضرائب عن المبيعات والدخل بالاضافة الى دفعهم الرسوم وبدل ايجار واجور عمال وغيرها من المصاريف، ما جعل من منافستهم للتجارة الإلكترونية ضربا من الخيال ومستحيلا ما لم تتحرك الدولة باتجاه انقاذهم ومساواتهم مع هؤلاء والذي لا يتكلفون شيئا ولا يتحملون اي مسؤولية تجاه المستهلك لما بعد عمليات البيع وبمختلف اشكالها.
التجارة الإلكترونية هي نوع حديث من التجارة بدأت بالظهور خلال العقد الأخير بشكل واسع في الدول العربية، حيث يتجاوز معدل نموها سنويا بالعالم حوالي 22 في المئة، ويبلغ 30 في المئة في بعض الدول، بينما في الاردن تتصاعد عمليات البيع الإلكتروني خلال السنوات الماضية حيث تشير بعض التقديرات إلى أنها قفزت من نحو 177 مليون دينار في عام 2015 لتصل إلى 600 مليون دينار حاليا كما تشير إلى ذلك بعض التقديرات وهذا رقم كبير الامر الذي يستوجب تفعيل المنصات التي تسجل عليها البضائع والشركات التي تقوم بهذه العملية في الخارج وتصدر بضائعها للمملكة وان تفرض عليها ضرائب كما هي مفروضة على التجار التقليديين ويلتزمون بها في كل عام.
ومن هنا على الدولة ان تسرع في اتخاذ كافة التدابير التي تحمي تجارنا ومستهلكينا من هذه التجارة التي باتت تهدد الكثير من القطاعات الاقتصادية المحلية والعاملين فيها، وتتسبب في كل يوم باغلاق محال تشغل مئات الاردنيين وذلك من خلال فرض ضرائب عليها واجبارها على التسجيل على منصات خاضعة لضريبة الدخل والمبيعات، ولا منعها من دخول المملكة وهذا ابسط الايمان تجاه مستهلكينا وتجارنا.