كتاب

«السيارات» وغياب الكفالة

انا لست ضد تجار ومستوردي السيارات على الاطلاق، فالتجارة والاستيراد حق لهم ومشروع ومسموح بهما ايضا من قبل الحكومة التي لا تضع اية قيود على تجارتهم واستيرادهم، وتغض النظر عن خدمة ما بعد البيع والكفالة والصيانة وتوفير القطع والتكنولوجيا التي تعمل عليها بعض انواع تلك المركبات، غير انني هنا انحاز للمستهلك الذي هو الضحية الوحيدة في كل تلك المعادلة.

في الآونة الاخيرة لاحظنا الكثير من الشكاوى وحالة من التذمر على صفحات السوشال ميديا من قبل اشخاص تعرضوا الى تعطل مركباتهم الحديثة والتي لا يوجد لها وكيل في المملكة على الاطلاق، فتفاجأوا بكثير من التحديات اولها انهم لم يجدوا من يصلحها او من يقوم بصيانتها او برمجتها وفق التكنولوجيا الحديثة فيها، وان وجدوها يتفاجأون بأسعار خيالية لا تتناسب مع دخولهم ولا قدراتهم المادية لاصلاحها، فيصبحون في متاهة ودوامة لا يعرفون الخروج منها حتى ان القانون نفسه لن يحميهم او يسترد لهم حقهم فتلك المركبات لا وكيل يحكمها ولا كفيل يكفلها.

اليوم وبعد تزايد تلك الحالات لا اعرف لماذا لا تحرك الحكومة ساكنا وتتجه نحو اتخاذ قرارات مهمة كحصر استيراد تلك المركبات بوجود وكيل لها معتمد في المملكة، وبخاصة تلك المركبات التي خصصت لسوق معين يمنع بيعها من المصانع مباشرة، فيشتريها تجارنا من تجار محليين في تلك الدولة ليستوردوها لسوقنا المحلي ويغرون المستهلكين بسهولة الحصول عليها من خلال «التمويل على الهوية» ليسقط بعدها المشتري في فخ لا كفالة، لا صيانة، لا برمجة، ويقف امام اتباع سياسة دبر حالك فلا علاقة لمن اشتريتها منه لا بصيانتها ولا بتوفير قطعها او برمجته?.

هنا لا اطلب منع هؤلاء من الاستيراد ابدا غير ان جل ما اطلبه ان تضع الحكومة ضوابط محكمة وفق اطر قانونية تلزمهم بالكفالة وتحاسبهم على خدمات ما بعد البيع وهذا ابسط شيء يمكن ان تقدمه الحكومة للمستهلكين في هذا المجال وخاصة ان اثمان تلك المركبات والاقساط التي يتحملها المواطنون لشرائها مرتفعة ودائما ما تتسبب في تآكل دخولهم الشهرية ما يجعل من قدرتهم على صيانتها امرا مرهقا.

سلع كثيرة اصبح استيرادها مسموحا لمن هب ودب دون اي ضوابط وتحديدا في الالكترونيات، غير ان الامر في السيارات مختلف فان اصابها خلل يعجز الجميع عن حلها ستصطف امام المنزل او على اطراف احدى الطرق الى ان ياتي الفرج، فيضطر بعض من اشتراها الى الاستقراض من جديد لصيانتها ودفع اثمان قطعها المرتفعة والتي تعتبر اعلى من اسعار قطع السيارات الحديثة لانها لا تستورد من قبل وكيل الشركة المصنعة بل تعتمد على فكفكة القطع عن المركبات التي تصطف ولا يستطيع المشتري صيانتها فيضطر الى بيعها بابخس الاثمان.

من جديد؛ ما على الحكومة الا اصدار قرار يلزم هؤلاء المستوردين بانشاء وكالة لتلك المركبات بعد استيفاء الشروط من الشركات الام ان استطاعوا ذلك واجبارهم على توفير مراكز صيانة لتلك المركبات وتوفير القطع باسعار مناسبة وتحسين خدماتهم لما بعد البيع، والا فليمنعوا وعلى الفور من استيراد تلك المركبات الحديثة والمتطورة، وهذا كله اولاً واخيراً يصب في مصلحة المشتري ويحميه من غفلة «التمويل الاعمى».