كتاب

الطالب الحزبي

نتفق جميعا اننا لا يمكن الانتقال الى مرحلة جديدة من الحياة الحزبية ما لم يتم توسيع قاعدة المشاركة السياسية، وكما نعلم فإن الشريحة المستهدفة والاهم والاوسع في مجتمعنا هي فئة الشباب، ولا سيما الموجودة على مقاعد الدراسة الجامعية، بهدف الوصول الى انشاء جيل جديد لديه ثقافة المشاركة في الحياة السياسية وصنع القرار، والغريب أننا في هذا السياق كلما اقتربنا من تطبيق هذه الحالة كنا نصتدم بتعقيدات القوانين والأنظمة التي تحذر من ممارسة النشاط الحزبي والسياسي داخل حرم الجامعات والمعاهد، أما وقد تم تعديل كافة القوانين ال?ي تحول دون ذلك، وبعد أن أكد جلالة الملك في لقائه مع صحيفة الرأي عن أهمية دور مشاركة الشباب في الاحزاب والحياة السياسية، ولقائه مع رؤساء الجامعات حول نفس الموضوع، يجب علينا جميعا أن نعي قيمة ودور هذه الشريحة التي ما زالت في مرحلة التكوين والنضوج الفكري، وتمثل بيئة خصبة لإنشاء جيل جديد يؤمن بالحياة الديمقراطية وبالانخراط في النشاط الحزبي.

إن المتابع للحياة الجامعية يعلم أن التمثيل الوحيد المتاح لممارسة النشاط الطلابي، يتم من خلال الاتحادات الطلابية، التي يطغى عليها الانتماء الفكري العشائري والجغرافي، اكثر مما هو فكري عقائدي وهذا يحتاج الى وقت كبير لإقناع الشباب باعادة تغيير هذه الصورة النمطية. وفي المقابل فإن المطلوب من ادارات الجامعات إزالة كافة العوائق والموانع التي تعيق ممارسة النشاط الحزبي دون المساس بالعملية التعلمية، فالأمر ليس متعلقا بحق وحرية، بل هي تعني ايضا مشاركة غير مباشرة في القرارات التي تتخذها الجامعة من جهة، ومن جهة اخرى مما?سة نشاط سياسي والترويج للفكر الحزبي، وهنا مربط الفرس فإن كنا نتفق مع المبدأ فالموضوع يحتاج الى البحث في التفاصيل، وهذا يحتاج الى عصف ذهني تشاركي مع كافة المعنيين للوصول الى صيغة توافقية تضمن أن تبقى جامعاتنا منارات للتعليم، وبنفس الوقت ان تتيح للشباب ممارسة حرية المعتقد الفكري بشكل واعي لا يؤثر على سير العملية التعلمية.

لا ابالغ إذا قلت انه ومن خلال تجربتي الأكاديمية في الجامعات الأردنية أن الفكر الحزبي لدى طلاب الجامعات يكاد أن يكون معدوما، فمن خلال النقاشات والحوارات التي كانت تدور مع الطلاب وعلى الرغم من سيل الانتقادات لواقع الحال، إلا ان هناك حالة من اللامبالاة والرغبة بالانتماء للأحزاب أو حتى المشاركة في الحياة السياسية، ولربما ولأسباب كثيرة، فما زال شبابنا لديهم الكثير من علامات الاستفهام حول جدية توجه الدولة في توسيع قاعدة المشاركة في الحياة الحزبية، وما زال شبابنا لم يتعد حاجز الخوف والريبة من الانتساب للأحزاب او ?تى أن يعي أهميتها وأنها الوسيلة الديمقراطية الأفضل للانتقال الى المشاركة في الحياة السياسية. ومازال هناك تشكيك في دورها باعتبارها واجهات لمصالح انشأها أشخاص لمآرب شخصية وفي النهاية أقول بعيدا عن تجاربنا السابقة يجب أن لا نستعجل النتائج وأن نبدأ مع طلابنا خطوة خطوة ابتداء بالحوار والتوعية ومن ثم الانتقال الى المراحل التالية وصولا الى مشاركة شبابية واعية في الحياة السياسية.

أستاذ القانون الدولي العام