كتاب

ارتفاع استهلاك وهدر البنزين.. ماذا يعنيان؟

ارتفاع استهلاك البنزين خلال الثلاثة شهور الماضية وبنسب تراوحت من 15-20%، وبالرغم من الارتفاعات التي طرأت عليه، يؤكد احد امرين اولهما ان ثقافة الاستهلاك لدينا عكسية ولا تتناسب مع واقع أسعارها محليا، وثانيهما ان عمليات الرفع من قبل الحكومة منطقية وتتوافق مع دخول الاردنيين الشهرية، وفي كلا الامرين ما يدعو الى الاستغراب.

الحكومة اليوم ستعلن ومن خلال لجنة تسعير المحروقات عن الرفعة الرابعة والتي من المتوقع أن تتراوح نسبها ما بين 3-5% على البنزين 90 و95 والسولار والكاز وغيرها من المشتقات بهدف تعويض الفروقات الكبيرة ما بين الاسعار محليا و الاسعار العالمية الناتجة عن عمليات التثبيت الخمس التي قامت بها الحكومة ابان فصل الشتاء الماضي على مختلف المشتقات، وبالرغم من كل هذه الارتفاعات التي طالت مختلف المشتقات تستمر معدلات استهلاك البنزين بالارتفاع وبشكل ملموس تترجمه الازدحامات الخانقة في شوارع العاصمة وغيرها من المناطق في المملكة ليلا ونهارا وطيلة أيام الاسبوع، وهذا يتنافى تماما مع حالة التذمر على عمليات الرفع تلك.

التناقض الكبير في هذا الموضوع هو ان دولا اخرى شهدت اسعار المحروقات فيها ارتفاعات اكبر من الارتفاعات لدينا تراجعت معدلات استهلاكها من تلك المشتقات الى نسب مئوية لافتة تعكس مدى الوعي الاستهلاكي، والذين توجهوا الى ترشيد الاستهلاك والاستغناء عن استخدام المركبات الا للضرورات بعيدا عن الاستخدامات التي لا تصب في اي مصلحة سوى الهدر، ففي بريطانيا مثلا تراجع معدل الاستهلاك من البنزين خلال الفترة الماضية ما يقارب 14%، بينما الاستهلاك لدينا ارتفع الى حدود ان هذا الارتفاع تسبب في احداث هدر في استخدام البنزين لغايات ضرورية تقدر بـ 25% بحسب احدث الدراسات.

أسعار المحروقات محليا وحتى ان رفعت الحكومة أسعارها هذه المرة لن تصل الى ماهي عليه عالميا ولا حتى تتقارب منها وتحديدا أسعار مادة (البنزين 90) 955 فلسا والسعر العالمي 1.055 دينار بفارق قدره 100 فلس وأما مادة (البنزين 95) فالسعر المحلي 1.240 دينار والسعر العالمي 1.310 بفارق قدره 70 فلسًا وهذا يجعل من قرب تعادلها مع السعر العالمي بات قريبا، وبالنسبة لمادتي الديزل والكاز فالسعر المحلي 720 فلسا والسعر العالمي 0.995 فلس بفارق 27 قرشًا، عدا عن اسعار الغاز والفيول الثقيل وغيرها من المشتقات التي ارتفعت اسعارها بشكل ?بير وملحوظ، ما حرم خزينة الدولة وحتى هذا التاريخ من ما يقارب 300 مليون دينار.

في علم الاستهلاك هناك عدد من القواعد التي تؤكد لك مدى القوة الشرائية للمستهلكين، فكلما ارتفعت اسعار سلعة اساسية او غير اساسية واستمر الاستهلاك منها بالارتفاع، فهذا يعني ان المستهلك ما زال يمتلك قوة شرائية متناسبة مع تلك الارتفاعات الحاصلة أو المنوي رفعها، واما ان تراجع استهلاكها فهذا يؤشر على ارتفاع معدلات التضخم وضعف القدرة الشرائية لدى المستهلكين، ونحن في الاردن تنطبق علينا القاعدة الاولى والتي تكمن بان اسعار البنزين ارتفعت وقوبلت بارتفاع استهلاكها وزيادة هدرها، فعلى ماذا يدل هذا؟.