ركائز ثلاث هي التي حددها جلالة الملك المعظم في حديثه لصحيفة $ بالأمس للخروج من المرحلة الانتقالية التي مكثنا فيها وقت فرضته معطيات عديدة لا داعي للدخول في تفاصيلها الآن، وهذه الركائز الثلاث هي الإصلاح السياسي والتحديث الاقتصادي والإصلاح الإداري، وما يعنينا الحديث عنه في هذا المقام هو التركيز على تبادل الإشارات الملكية التي أشار لها جلالة الملك المعظم على رؤية التحديث الاقتصادي والتي نعتقد جميعاُ ان بدء العمل عليها ضرورة ملحة وأولوية لا يسبقها أولويات أخرى خصوصاً في مثل هذه الظروف والمعطيات الاقتصادية التي يعيشها اقتصادنا الوطني والاقتصاد العالمي، وهي أيضاً تتوافق مع السياق الإقليمي بالتمكين الاقتصادي والعمل العربي المشترك.
وإذا ما ربطنا بين ما أشار إليه جلالة الملك في حديثه لـ $ وكلمته التي وجهها للشعب الأردني في عيد ميلاده الميمون مطلع العام الحالي والتي حدد فيها ملامح واهداف الخطة والرؤية الشاملة وبما يضمن إطلاق الإمكانيات لتحقيق النمو المستدام والذي يكفل مضاعفة فرص العمل المتاحة للأردنيين وتوسيع الطبقة الوسطى ورفع مستوى معيشة المواطن الأردني لضمان حياة أفضل، ففي الوقت الذي شكلت فيه هذه الأهداف الثلاثة المرتكزات التي انطلقت منها فرق العمل على رؤية التحديث الاقتصادي والتي تم الإعلان عن نتائجها ومخرجاتها في شهر حزيران الماضي، ها هو جلالة الملك يعيد التأكيد على مرتكزات السير بهذه الرؤية والتي يؤكد من خلالها مرة أخرى ان هذه الرؤية نهج عمل ومسار حتمي لا رجعة عنه وانه أساسي لعمل الحكومات، وليس إلا نتاج إرادة وطنية في استشراف المستقبل لانضاج التحول الديموقراطي، حيث اكد جلالته على ان التحديث الشامل خيار لا رجعة عنه كما وأكد على تعزيز وترسيخ شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الأقل دخلا من المواطنين خصوصاً في مثل هذه الظروف الاقتصادية وتعظيم الاستفادة من الفرص والمزايا التي يتمتع بها الأردن لتوسيع القطاعات الواعدة في الاقتصاد حيث تمتلك نقاط قوة في هذا المقام لا بد من الاستفادة منها.
كما أكد جلالته على قناعته بهذه الرؤية الاقتصادية المتكاملة للعبور للمستقبل والتي اهم ما يميزها اعدادها من قبل القطاع الخاص وبالتشاركية مع كافة القطاعات الرسمية مؤكدا جلالته على انه لن يكون هناك تهاون في التطبيق وعلى الحكومة وضع خطة تنفيذية وجدول زمني واضح لتنفيذ ما جاءت في هذه الرؤية العابرة للحكومات. إضافة الى ان محاورها ستكون أيضا جزءًا من أي كتاب تكليف لأي حكومة مستقبلاً.
ولا بد من الإشارة هنا إلى ما تطرق له جلالة الملك بأن التركيز على مثل هذه الرؤية يسير بصورة متوازية وبصورة متكاملة مع البرامج الأخرى للإصلاح وخصوصا الإصلاح الإداري حيث ان الالتزام بمثل هذه الرؤية يساعد الحكومة/الحكومات–كونها عابرة للحكومات – على الامتثال من الانشغال اليومي إلى العمل الاستراتيجي والذي لا بد أن ينعكس على حياة المواطن، وأن يتم البناء بشكل متراكم مع الإنجازات تحقيقاً للأهداف القائمة على توفير فرص العمل وتحقيق التنمية والنمو المستدام.
واعتقد جازماً أن رؤية التحديث الاقتصادية هي أولوية لا بد من البدء بالعمل على تنفيذها واعطائها الأولوية، وأن الانتظار أكثر من ذلك قد يكون له تبعات أخرى نحن في غنى عنها، وبما لا يدع مجالاً للشك فإن الشأن الاقتصادي هو محور اهتمام المواطن، والنهوض بهذا المحور يمكن أن يخلق ويحيي اهتمامات المواطن الأردني بمحاور الإصلاح الأخرى، ويدفعه للمساهمة في الإنجازات التي تمت في البلاد.