في الاخبار معلومات تشير الى ان هناك لقاء سيجمع ما بين النواب و الحكومة الاربعاء المقبل لمناقشة العديد من الامور العامة، وبحسب معلومات اولية ان هناك تحشيدا نيابيا للضغط باتجاه تثبيت اسعار المحروقات للشهر المقبل وعدم رفعها مجددا، فهل تستطيع الحكومة ذلك؟ لعل الواقع سيجيب عنها.
اولا دعوني اؤكد هنا على انني لست ضد ما سيذهب اليه النواب باتجاه هذا المطلب فهذا احد اهم واجباتهم وخاصة انهم منتخبون من قبل الشعب الذي هو من يستهلك المحروقات وغيرها من الاصناف، غير انني ساكون هنا وبالتأكيد ضد ان تقوم الحكومة بالتجاوب مع هذا المطلب وضد مثل هذه المجاملات والشعبويات التي دفعت خزينتا وماليتنا العامة ثمنا كبيرا لها، حتى اصبحت مديونيتنا مثار استفسار للنواب والمواطنين أنفسهم ومحل تشكيك دائم ومستمر وعلى مدار الخمسة عشر عاما الماضية والتي شهدت فيها مديونيتها ارتفاعا كبيرا نتيجة عدم التعامل مع الامور?الاقتصادية محليا بموضوعية ومنطقية وواقعية وذهاب الكثير من الحكومات سابقا الى اعتماد مبدأ المجاملة والاستجابة الى الشعبويات والمطالبات، مبتعدين عن اتباع سياسة الاقناع والشفافية والموضوعية أمام ما نعيشه من واقع اقتصادي صعب.
أمثلة كثيرة ومتعددة تثبت ان الاقتصاد والمجاملات والشعبويات لا يلتقيان ودائما ما تكون كلفها باهضة على الجميع اقتصادا ومواطنين، ولعلي هنا سأتطرق الى مثال صريح وليس على سبيل الحصر يؤكد ما اقول بأن المجاملات الاقتصادية دائما سيدفع ثمنها المستهلكون انفسهم ولو بعد حين وكذلك الموازنات والمالية العامة فالجميع بها يخسر وكلف اصلاحها دائما ما تكون باهضة، فجميعا نتذكر قرار الحكومة الحالية بتثبيت اسعار المحروقات في فصل الشتاء الماضي، وحينها جميعنا سفقنا لها واثنينا على قرارها، غير ان السؤال المهم من يدفع ثمن تلك المجام?ة الان وعلى من تنعكس اسعارها حاليا.
ومن منكم لا يتذكر مرحلة انقطاع الغاز المصري والتي لم تقم الحكومة حينها بالقيام بقطع الكهرباء تدريجيا وبشكل مبرمج على المواطنين، ما دفعها الى اقتراض ما يقارب 6 مليارات دينار وتحميل الخزينة مديونية ما زلنا ندفع ثمنها جميعا وكل هذا كان تجاوبا مع شعبويات ومطالبات لا تمت للواقع الاقتصادي بصلة فقبل انقطاع الغاز المصري كانت مديونيتنا لا تتجاوز 12 مليارا بينما هي اليوم تبلغ 36 مليارا جلها لاسباب ابرزها المجاملات على حساب الاقتصاد الوطني.
أسعار المحروقات محليا ما زالت الاقل مقارنة مع الاسعار العالمية وهذه ليست ارقامنا بل الارقام العالمية التي تثبت ان اسعار البنزين لدينا ما زالت اقل من نظيرتها عالميا وكذلك السولار، بالاضافة الى ان ايراد الحكومة من ضريبة المحروقات تراجع بما يقارب 300 مليون منذ بداية العام.
اليوم على الحكومة ان تدافع عن قراراتها بالمنطق وبكل شفافية ومكاشفة واشراك المواطنين والنواب والاعيان ما تعيشه من ظروف اقتصادية صعبة وموازنة مثقلة ومديونية محملة ومتزايدة، وما على النواب والمواطنين إلا مراقبة عمل الحكومة ومتابعتها في اداء الاصلاحات الثلاثة وتحديدا الرؤية الاقتصادية التي نعلق عليها كل املنا.. مبتعدين عن المجاملات الاقتصادية والا سندفع الثمن جميعا مستقبلا ففي الاقتصاد ما توفره اليوم سيواجهك غدا.