في الآونة الاخيرة كثر الحديث عن ارتفاع معدل البطالة لدينا وهذا امر طبيعي اذا ما سلمنا الى العديد من العوامل والتي ابرزها مخرجات التعليم والظروف الاقتصادية التي نعيشها، والاهم من ذلك كله هجر ابنائنا واعتزالهم للعمل المهني وانتظارهم للوظائف الحكومية والقطاع الخاص المكتبي.
هجر ابنائنا ورفضهم فكرة الانخراط في العمل المهني والذي لو يعرفون ماذا يحقق لهم من دخول يومية وشهرية وسنوية لما هجروه، وما انتظروا الوظائف الحكومية ووظائف القطاع الخاص التي اصبحت اليوم شبه مستحيلة في ضوء التوجه الى اتمتة الاجراءات والتوجه لها واتباع التكنولوجيا فيها، بالاضافة الى الأعداد الكبيرة والضخمة التي يضج بها جهازنا الاداري والتي اصبحت تستنزف 60% من موازنة الدولة، ما يجعلنا نتساءل وبكل صراحة، لماذا يفضل ابناؤنا العمل في القطاع الحكومي رغم محدودية الدخول التي سيجنونها منه والابتعاد عن العمل الحر المهن? رغم كل ما سيجنونه من اموال لربما لن يتخيلوها وعلى ذلك الكثير من الامثلة ؟.
اليوم هناك ارقام تصدر عن دائرة الاحصاءات العامة وتتحدث عن نسب البطالة والتي وصلت مؤخرا الى 22% تقريبا، ورغم عدم قناعتي بهذه النسبة والتي برأي هي اقل من ذلك بكثير ولاسباب أهمها أن احصائياتنا وطرق اجرائها ما زالت تقليدية وتعتمد على اجراء استطلاعات لا تتناسب مع التطورات التي نشاهدها ونشهدها في كل يوم والمرتبطة بوظائف خلقتها التكنولوجيا الحديثة وعلى سبيل المثال هل يحسب العامل على مركبات التطبيقات الذكية عاطلا عن العمل وهل يحسب من يتاجر الكترونيا عاطلا عن العمل وهل عاملو الدليفري عاطلون عن العمل وهل نشطاء السوش? ميديا عاطلون عن العمل وهل من زالوا على قوائم ديوان الخدمة ما زالوا يحسبون وهل من في الخليج وفي دول المهجر وليسوا مشتركين بالضمان عاطلون عن العمل.
ليس هذا ما اريد ان أتطرق إليه في مقالي هذا، وما أود أن اتطرق إليه اليوم هو أجور المهن الحرة فعلى سبيل المثال أجرة عامل السباكة تتجاوز 35 دينارا في كل زيارة وأجرة الكهربائي تصل إلى خمسين دينارا في كل ورشة وباليوم الواحد وأجرة الميكانيكي لا تقل عن 20 دينارا عن كل مركبة غير أجور التركيب الأخرى وبمجرد انك تستشيره وأجرة الحلاق وعاملة الكوافير وغيرها ولعل أبرزها المهن التي تتعلق في فنيات التكنولوجيا وغيرها من المهن الحرفية والتي لا يقل دخلها الشهري عن 1500 دينار وبأقل تقدير وعلى ذلك امثلة تشاهدونها يوميا.
في الاردن نعم هناك بطالة، غير أن المناقضة الكبرى والداعية إلى التأمل تكمن في أن هناك الاف فرص العمل التي يقوم بأدائها وجني دخولها المرتفعة وافدون ويزيد عددهم باستمرار، بينما يهجرها ابناؤنا ليكيلوا بعدها وذووهم السخط على الحكومات رغم سعيها الدؤوب لتوفير كل إمكانيات التدريب والتأهيل لهذه المهن وإحلال العمالة المحلية مكان الأجنبية.. فلنبدأ التفكير والانخراط بها وتجربتها وبعدها ستلعنون الوظائف التقليدية الى الأبد وهذا ما سنراهن عليه مستقبلا.