النظرة الشمولية التي تمتاز بها وزيرة الثقافة هيفاء النجار، تعطي انطباعًا رائعًا في حضور المرأة الأردنيّة وتمكينها، كمطلبٍ ملكي؛ وهو تمكينٌ مستوفٍ لأدواته في حالة الوزيرة التي تمتلك مقدرةً عاليةً على المناظرة والتلطّف في الحوار والإصغاء الجيّد؛.. ودون أن تغفل ما راكمته من حضور أكاديمي وخبرات تربوية تتعالق مع الثقافة وسياساتها بشكل مباشر، يحسّ ضيوف النجار في ملتقيات الوزارة ومؤتمراتها، وهي تنحّي الورقة المكتوبة عادةً للوزراء جانبًا، لتنطلق نحو النقاش مستنفرةً مراسها في ذلك،.. أنّهم بالفعل أمام امرأة حالمة، تؤمن بالواقع وتستجيب له، ولكنّها تحاول مع كلّ ذلك أن تجاوزه إلى ما هو أفضل.
بين التربية والثقافة قربى وجوار؛ ففي وزارة الثقافة جُلّ الموظفين جاءوا من حقول تربوية إبداعيّة فعمروا أركانها وشيّدوا برامجها، والوزيرة النجار، الحاصلة على بكالوريوس التربية من الجامعة الأردنية مطلع الثمانينات، وشهادة الماجستير في الإدارة التحولية من جامعة باكنغهام، وشهادة قيادة المدارس الدولية من معهد تدريب المدراء في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1998، هي ابنة مدينة الزرقاء، التي يحقّ لها أن تحلم، ونحلم معها، ولذلك كان تصاعد الإنجازات بحجم هذا الحلم وبدافع منه: عضواً في مجلس الأعيان الأردني، مديرة لكلٍّ من مدرسة الأهلية للبنات والمطران للبنين، وعضو اللجنة الفنية في جمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميّز التربوي، وعضو في مجلس أمناء صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس التربية والتعليم، وعضو مجلس أمانة عمان، عضو المجلس الأعلى للشباب،.. كما كانت الجوائز والشهادات الفخرية استحقاقًا للنجار الحاصلة على وسام الحسين للعطاء المتميّز، وجائزة الحسن بن طلال للتميّز الأكاديمي، وجائزة عضو مجلس الأمناء المؤسس لأكاديمية الملك، والمقدّمة من جلالة الملك عبدالله الثاني وأكاديمية الملك، وجائزة المجلس الأوروبي للمدارس الدولية الدولي، ودرع الكنيسة الأسقفية في القدس والشرق الأوسط للعطاء الدائم والخدمة المستمرة،..وسوى ذلك عدد من شهادات الإشادة والتقدير.
كان القصد من تتبع هذه السيرة العطرة أن ينعكس ظلال كلّ ذلك على وزارة الثقافة، ففي حين لا يمكث الكتاب أو المثقفون في ضيافة الوزراء عادةً دقائق معدودة لا يستردون فيها أنفاسهم التي حبسوها فتضيع الأفكار والمطالب والتمنيات، كانت النجار، وبكلّ قلب المرأة الأردنية الطيّب وفكرها الناضج وسرعة بديهتها، تترك الحوار يسير حتى ينهيه تململ الضيف نفسه، أما الأفق الذي استبشرنا به، فكان يتشكّل بتلقائيّة طبيعية هي محلّ اعتزاز، منذ توقيع النجار بروتوكولاً ثقافياً مع وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبدالدايم، وفي لقائها مثقفين تونسيين وعرب وأجانب وهيئات ثقافية كثيرة في رحاب الوزارة، ومنذ أن انتصفت للمثقفين في مهرجان جرش للثقافة والفنون باعتبارهم خميرة الإبداع وأساس المهرجان، ومنذ أن تعاطفت أيضاً مع موظفي الوزارة في رؤية مرنة ضمن الأنظمة واللوائح الموجودة، ومنذ أن أعلنت للصحفيين أنّها لا يمكن أن تسمح لنفسها بأن تتعالى على الوزارة أو تنكر حقّ وزير سابق في إنجازه، ومنذ أن كانت منافحةً حقيقية، بهيبة وكرامة الأردني في المحافل الثقافية العربية والعالمية، والأهم احترامها الإعلام الأردني والطلب منه أن يمارس دوره المهم في المساءلة والشراكة وبثّ روح الإيجابية والأمل.
وقد لفت الوسط الثقافي الأردني انخراط الوزيرة النجار في حفلات إشهار الأعمال الأدبية والكتب والدواوين، وتعبيرها الوجيه تجاه الثيم والأفكار ورؤى الكتاب، حتى ليخالها الضيف ناقدةً تحمل ورقةً متخصصةً في ذلك، وفي ذلك كسرٌ للحواجز الوهمية التي يصنعها الوزراء عادةً بينهم وبين الجمهور.
هيفاء النجار الأكاديمية والسياسية والتربوية على استعداد دائماً للتشابك الإيجابي، كما تقول، وعلى قناعة بأهمية التعاطي الحضاري وإقناع المنظمات الدولية الداعمة، وفي الطليعة منها اليونسكو، بجدوى مشاريعنا الثقافية وتراثنا الذي يعبّر عن الهوية ويحمل منجزاتنا الإنسانية إلى العالم.
