ترتبط الاقتصادات العالمية ببعضها بعضا بشكل كبير، فأي حدث عالمي يؤثر حتماً على اقتصادات الشرق الأوسط بسبب الترابط الاقتصادي بين الدول.
فما الذي يعنيه رفع أسعار الفائدة عالمياً؟
بالنسبة للكثير من الاقتصادات فإن تلك السياسة هي «نقدية انكماشية'؛ إذ ترى الدول التي تزيد سعر الفائدة أن الوضع الاقتصادي الحالي غير صحي في ظل التضخم. وبالنسبة للمواطنين، فإن رفع سعر الفائدة يعني، أولاً، ارتفاع تكاليف القروض الشخصية، وأي قروض استهلاكية.
وفيما يتعلق بالأثر الخاص على المستهلكين في حال ارتفاع سعر الفائدة، فإنه من المفيد إيداع النقود لدى البنوك للحصول على فائدة أعلى، ولكن ليس من صالح الأفراد الحصول على قروض نظراً لارتفاع كلف الفوائد.
لذلك، قد تعمد الدول إلى إصدار سندات لتمويل مشاريعها والتزاماتها. لكن المشكلة تكمن في تكدس الأموال لدى فئة معينة في العالم وهي التي تتحكم بالمصارف والتجارة والصناعة.
فيما يتعلق بالدول التي تربط عملتها بالدولار الأميركي، فلا بد من أن تقوم برفع سعر الفائدة بما يتماهى وسياسة البنك الفيدرالي الأميركي. ويشمل ذلك الكثير من دول الشرق الأوسط، للحؤول دون فقدان الثقة في السياسات الحكومية وتدفق رؤوس الأموال إلى الخارج. فإذا ما استمرت السياسة النقدية الحالية في تلك الدول شرق الأوسطية دون رفع سعر الفائدة، فإن ذلك يعني أن أسواق الشرق الأوسط ستفقد جاذبيتها للمستثمرين.
وبمراجعة بسيطة لما يجري على الساحة الدولية. ارتفع سعر البنزين، على سبيل المثال، بنسبة 40٪ في كانون الثاني 2022 عن العام السابق، في الكثير من الدول، في حين قفزت أسعار السيارات والشاحنات المستعملة بنسبة 41٪. وتشمل الفئات الأخرى التي شهدت تضخماً السلع الأساسية ومنها البيض والدهون والزيوت بنسبة 24٪ و13٪ و11٪ على التوالي. في المتوسط، ارتفعت الأسعار بنحو 7.5٪، وهي أسرع وتيرة تضخم منذ نحو أربعين عاماً.
هذا يعني أنه إذا ارتفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، أو 0.25 نقطة مئوية، فسيتعين على المستهلكين والشركات أيضاً دفع المزيد لاقتراض الأموال. ويؤدي ارتفاع تكلفة الاقتراض بدوره إلى إضعاف الطلب والنشاط الاقتصادي. فعلى سبيل المثال، إذا أصبح قرض السيارة أكثر تكلفة، فربما يقرر الكثيرون أنه ليس الوقت المناسب لشراء تلك السيارة الجديدة بسبب الكلفة الزائدة على القرض.
كل ذلك تفاقم منذ نهاية شباط ٢٠٢٢، بسبب ضعف سلاسل التوريد ونقص الموارد الزراعية والمواد الخام المهمة للصناعة القادمة من أوكرانيا وروسيا. فنمو الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو سينخفض بمقدار 0.9 نقطة مئوية في عام 2022 وبنسبة 1.5 نقطة مئوية في عام 2023، ومن المتوقع أيضاً ارتفاع التضخم، حتى في ظل ارتفاع سعر الفائدة، وسيكون في ذلك ضربة مزدوجة للاقتصاد العالمي.
قد تؤدي المخاطر السياسية وعدم اليقين إلى زيادة معدلات الادخار وتجعل الشركات أكثر إحجاما عن الاستثمار. ومن المتوقع أن يتسبب الصراع في أوكرانيا بانخفاض مستوى الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 0.5 بالمئة في عام 2022، ويقترب من 1 بالمئة بحلول عام 2023 (أي 1.6 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي العالمي). كما أن الأثر الأكبر سيكون مباشراً على تكلفة المعيشة وزيادة الضغط على استهلاك الأسر.
فماذا سيكون الوضع الاقتصادي في شهر رمضان المبارك لهذا العام في دول الشرق الأوسط؟