كتاب

البنوك.. تُعيد الروح للأسواق!

المبادرة التي أطلت علينا بها جمعية البنوك بالأمس وبالتنسيق مع البنك المركزي بتأجيل أقساط الأفراد للشهر المقبل وبالتزامن مع دخول الشهر الفضيل والأعياد، أعادت الامل وبثت روح التفاؤل للقطاع التجاري الذي عانى وخلال الفترة الماضية من تراجع في القوة الشرائية تسببت في حالة إحباط في السوق المحلي.

ليست المرة الأولى التي يقوم بها البنك المركزي وبالتعاون مع البنوك بمبادرة من هذا النوع، والهادفة إلى التيسير على المواطنين في ضوء الظروف المعيشية الصعبة، بالإضافة إلى تحريك وتنشيط الأسواق ودوران عجلة الاقتصاد الوطني بشكل ينعكس إيجابيا على قوة الاقتصاد الوطني وتعزيز قدرته على مواجهة التحديات المتمثلة بارتفاع أسعار السلع نتيجة الحروب الدائرة وارتفاع أجور الشحن، الأمر الذي أثر على معدلات التضخم وقدرة المستهلكين الشرائية ما تسبب في حالة تباطؤ اقتصادي انعكس على كافة القطاعات.

ففي السابق وخلال الجائحة لعب البنك المركزي والبنوك العاملة في المملكة دوراً كبيراً في التخفيف من حدة جائحة كورونا، من خلال تأجيل أقساط الأفراد والمؤسسات لمدة أربعة شهور وخلال فترات الإغلاق الكلي والجزئي، بالإضافة الى تأجيلها الأقساط للقطاعات الأكثر تضررا لفترات تجاوزت العام والعامين، الأمر الذي ساهم إلى حد كبير باستمرارية عمل القطاعات وعدم توقفها وحدَّ من عمليات التسريح من العمل، ما هيأ بيئة خصبة للاقتصاد الوطني للانطلاق من جديد وضمن خطة تعافٍ وضعتها الحكومة وترجمتها القطاعات لواقع ملموس من خلال تحقيقها لن?ب نمو انعكست على الاقتصاد الكلي.

اجراءات التأجيل لأقساط القروض لشرائح كبيرة من عملاء البنوك خلال الجائحة، وخصوصاً الفئات المتضررة بلغت 3.8 مليار دينار بالإضافة إلى الكثير من البرامج التي أطلقتها البنوك مع البنك المركزي في التخفيف من الآثار السلبية على الاقتصاد الوطني والمواطنين بشكل عام ما تسبب في تراجع أرباحها بنسبة 65% في العام 2020، غير أن البنك المركزي والبنوك تنظر إلى الاقتصاد بشكل شمولي فاستقرار الاقتصاد ونموه يعني نشاطها وحركتها، وفي حال أصيب الاقتصاد بحالة تباطؤ وضعف فهو ينعكس على واقع عملياتها.

قرار التأجيل هذا سيساهم بضخ ما يقارب 250 مليون دينار بشكل مباشر قيمة الأقساط التي ستؤجل على الأفراد والبالغة 7.6 مليار دينار وتشكل ما يقارب 24% من اجمالي التسهيلات البنكية الممنوحة، عداك عن الاثر غير المباشر ما سيجعل الأسواق تشهد حالة من النشاط الكبير والإقبال عليها، الأمر الذي سينعكس على القطاع التجاري والمستوردين ويحمسهم إلى مزيد من توفير مستلزمات العيد ورمضان وبأسعار منافسة لتوافر السيولة التي يطلبونها لغايات الاستعداد.

ختاما.. الجهاز المصرفي لدينا وبقيادة البنك المركزي وتوجيهاته الايجابية المستمرة هو العمود الفقري لاقتصادنا، فهو يتدخل عند الحاجة للتدخل من خلال دراسات دقيقة ومهمة، لإدراكه أن سلامة الاقتصاد والقطاعات المختلفة سلامة له أولا وللاقتصاد الوطني بشكل عام، ومن هنا يجب علينا أن نثق بالجهاز المصرفي ودوره المحوري واستقلاليته في الاستقرار الاقتصادي للمملكة.