بالتوازي مع إنشغال العالم بقضية الطفل المغربي ريان, وهي بالمناسبة حادثة تتكرر عشرات المرات في أنحاء مختلفة من العالم، أقول بالتوازي مع قضية الطفل ريان كانت تجري على حدودنا أحداث أهم وأخطر ليس على أمننا نحن فقط، بل وعلى أمن المنطقة والعالم، أعني بها المحاولات المتكررة والمستميتة من قبل عصابات المخدرات لتهريبها إلى بلدنا، وعبره إلى دول المنطقة وخاصة دول الخليج العربي، بكل ما تشكله المخدرات وعصابات تهريبها من خطر على الأمن والاستقرار المجتمعي، ناهيك عن أخطارها السياسية والاقتصادية، والأهم خطرها على القوى الحي? والمنتجة والعاملة ممثلة بفئة الشباب والصبايا، وقد بينت في مقالات سابقة حجم عصابات التهريب وامتداداتها وتجهيزاتها خاصة من الأسلحة حد استخدام الطائرات المسيرة.
عودة إلى قضية الطفل ريان، التي قد يقول البعض ما العلاقة بينها وبين ما يجري على حدودنا، فأقول إنها المقارنة بين حسن توظيف الحدث وبين تفويت الفرصة، فقد نجح المغرب نجاحاً مبهراً في جعل قضية ريان قضية إنسانية عالمية، تابعتها كل وسائل الإعلام العالمية في مختلف أنحاء العالم وبكل اللغات، ومن أتباع كل الديانات السماوية والوضعية، وكان المغرب يتحرك فيها جسداً واحداً الدولة بكل مؤسساتها، والمجتمع المدني المغربي بكل مكوناته ومنظماته، رغم أن الأمر يتعلق بحياة طفل واحد لا نقول إنها رخيصة، لكنها لا تقاس بالمقارنة بالأر?اح المستهدفة على حدودنا من قبل عصابات التهريب، ومع ذلك فقد أخفقنا نحن في إظهار حجم ما يجري على حدودنا وخطورته على حياتنا كأردنيين، وقد ارتقى منا شهداء إلى الرفيق الأعلى على يد عصابات التهريب، فقد لاحظنا غيابا شبه تام لمعظم المؤسسات الرسمية وغياباً تاماً لمؤسسات المجتمع المدني التي عودتنا على ان تقيم الدنيا ولا تقعدها في قضايا اقل خطورة بكثير من المخدرات، ومن استشهاد جنودنا وضباطنا على إيدي عصابات التهريب، وهو أمر ينسحب على أحزابنا، وكذلك هو حال معظم وسائل الإعلام العاملة في بلدنا, وهذا خطر شديد خاصة في ظل ?لجيل الرابع والخامس من الحروب التي نتعرض لها..
كثيرة هي مؤشرات اخفاقنا في إبراز خطورة ما يجري على حدودنا أولها أننا لم نتمكن من جعلها قضية رأي عام أردني, بدليل أن ما كتب عن الطفل ريان في إعلامنا ووسائل التواصل الاجتماعي في بلدنا فاق عشرات المرات ما كتب عما يجري على حدودنا من قبل عصابات تهريب المخدرات ورعاتهم. حتى لا أقول إن موضوع عصابات التهريب غاب عن وسائل التواصل الاجتماعي في بلدنا غياباً شبه تام.
إن ما هو أكثر خطرا من مؤشرات الإخفاق في إبراز خطورة ما يجري على حدودنا، هو أسباب هذا الفشل ومن أهمها غياب الخطة الإعلامية المتكاملة التي تعمل بزخم وتتابع بهدف بناء الرأي العام المحلي وشد العصب الوطني أولاً، ثم مخاطبة دول الجوار والعالم بلغة واحدة، وبأدوات وقنوات مختلفة، وهو أمر لم يتم حتى الآن على أمل ألا تفوت الفرصة.
Bilal.tall@yahoo.com