تعد الكستناء من ألذ الفاكهة الشتوية
ومن المدهش في هذه السنة أننا لاحظنا في شوارع وسط عمَّان ومنذ أسابيع قليلة تواجد بعض عربات جميلة الشكل مخصصة لشواء وبيع حبات الكستناء كي يشتريها المارة ويأكلونها بسرعة أو بكميات أكبر لأكلها في البيت مثلاً.
وهذا يذكرنا بأيام قديمة في فترة ستينيات القرن الماضي عندما كان بعض باعة الكستناء يستعملون بابور الكاز مع غطاء معدني مخرم لوضع حبات الكستناء عليه لشوائه وبيعه للمارة في شوارع وسط البلد وبالذات أمام دور السينما في عمان.
وفي الاردن يتم استيراد الكستناء من الصين وتركيا حيث لم تنجح زراعة الكستناء في الأردن لغايات الانتاج والاستهلاك وذلك يعود إلى تدني معدل الأمطار مقارنة باحتياجات ومتطلبات الشجرة البيئية إذ تحتاج إلى معدل أمطار عالٍ وهذا لا يتناسب مع متطلبات شجر الكستناء.
وأشجار الكستناء تنمو في المناطق الدافئة المعتدلة من نصف الكرة الشمالي, لذا فإن زراعة «الكستناء» في الأردن لا تزال في ضمن المحاولات والتجارب الفردية.
وفي معلومة: فإن دولة تركيا تأتي في المرتبة الخامسة عالمياً في قطاع إنتاج الكستناء فهي تأتي بعد الصين والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا.
وتندرج الكستناء تحت مُسمى فاكهة الشتاء, على الرغم من أنها نوع من أنواع المكسرات، ولها أسماء أخرى تُسمّى بها حسب كل منطقة، ومن أسمائها: (أبو فروة، شجرة الخير، القسطل، فاكهة الشتاء، شاه بلوط) وغيرها من الأسماء.
الكستناء في التاريخ
والكستناء معروفة منذ القِدم في اليونان، والبعض يقول إن موطنها تركيا، ويقال ان الكستناء كانت اسم لمدينة على الشواطئ الجنوبية للبحر الأسود ومنها مشتقة اسم الشجرة, وثم نقلها الرومان إلى بريطانيا ونشروها في بلدان أوربا الاخرى.
وحسب دراسة تاريخية أخرى يُقال أن موطنها الأصلي هو إيران وانتقلت إلى اليونان عن طريق مُحبي الأشجار أيام «ذي القرنين» الإسكندر الأكبر, كما إنتقلت الكثير من الأشجار من غرب آسيا إلى أوروبا وبشكل كبير. ويذكر ابن أحمد الكسنداني أن الكستناء كانت من أشجار الزينة في حدائق بابل.
أما أشجارالكستناء المُر المنتشرة في المدن الأوربية فهي أشجار للزينة وللظلال بالدرجة الأولى, وقد أتت عن طريق الهبسبورغ من آسيا الغربية.
وتنمو شجرة الكستناء بقوة على ارتفاع من 35 إلى 1500 م من سطح البحر. وتُعرف بعمرها الطويل الذي يتحدّى الزمن، وثمارها الشهية التي تزيدنا دفئاً وحميمية في فصل الشتاء على وجه الخصوص, وبعض أشجارها تُعمّر نحو ألف سنة.
وكانت ثمار الكستناء حتى بضعة قرون خلت الغذاء الرئيسي لكثير من بلدان العالم في الحضارات القديمة حتى إكتشاف البطاطا وانتشار زراعتها في أوروبا في القرن الثامن العشر التي احتلت المكانة التي كانت الكستناء تحتلها.
أنواع الكستناء
ومن بعض أنواع الكستناء الأخرى:
1- الكستناء الأميركية: وهي تزرع في أميركا الشمالية، وتتميز بحبات صغيرة الحجم نسبياَ، وتعتبر من أفضل أنواع الكستناء.
2- الكستناء الصينية: وتعتبر من أكثر الأنواع تحملاً للآفات الزراعية، مما يرفع من قيمتها التجارية، أشجارها قصيرة، وتتميز بحبات متوسطة الحجم.
3- الكستناء الأوروبية: أشجارها طويلة، وثمارها تشبه الكستناء الصينية، وتتميز بطعم حلو.
4- الكستناء اليابانية: أشجارها صغيرة، وتتميز بثمار كبيرة الحجم وذات طعم طيب، وهي تقاوم الآفات.
5- الكستناء المُهجنة: وهي أقرب وصفاَ إلى النوع الأميركي.
مكونات ثمرة الكستناء
وثمار الكستناء غنية جداَ بالبوتاسيوم والفسفور وكبريت المغنيسيوم، والكلوريد والكالسيوم والحديد وبعض الفيتامينات والسكر والبروتينات والدهون، وهي من المكسرات الوحيدة التي تحتوي على فيتامين (ج)، لذلك تعتبر ذات قيمة غذائية عالية جداَ.
تحضير الكستناء
وتُحضّر الكستناء بطرق مختلفة، كالسلق، أو الشوي والتبخير، وتدخل في إعداد وتحضير أطعمة وحلويات عديدة.
ولتحميص ثمرة الكستناء، نقوم بشق الثمرة على واجهة القشرة المُسطحة، ثم ننقعها بالماء لمدة ربع ساعة، ثم نصفّيها من الماء جيداَ ونضعها بالفرن لتتحمّص.
الفوائد الصحية
1- تمنح المزيد من الطاقة نظراَ لاحتوائها على سعرات حرارية عالية.
2- تساعد على التخفيف من ضغط الدم لاحتوائها على البوتاسيوم.
3- تساعد على قضاء الحاجة بسهولة لاحتوائها على الألياف.
4- تساعد على تقوية جهاز المناعة في الجسم، ومن ثم مقاومة أعراض البرد في فصل الشتاء لاحتوائها على فيتامين (ج).
5- تعتبر غذاءَ مفيداَ للعُمَّال والرياضيين.
6- تساعد على معالجة اعتلال المعدة وفقر الدم.
7- تحتوي ثمرة الكستناء على مادة مهدئة للأعصاب.
8- لها خواص لمداواة الدوالي والبواسير ومقاومة الروماتيزم المزمن.
بعض الوصفات العلاجية
1- قديماَ كان المشهور عند احدى القبائل في أميركا الشمالية، استخدام نقيع أوراق الكستناء لعلاج الشاهوق، وقد وجد ذلك منشوراَ في كتاب التاريخ الطبيعي لكارولينا الشمالية المنشور سنة (1737)؛ لأن لمغلي أوراق الكستناء أو اللحاء، قيمة عالية كسائل غرغرة لالتهاب الحلق.
3- نقيع أوراق الكستناء لعلاج التهاب القصبات الهوائية، والنزلة القصبية، حيث يشد هذا المستحضر الأغشية المخاطية ويكبح السعال المؤلم.
4- تستخدم أوراق الكستناء لتخفيف ألم الظهر والمفاصل والعضلات المتيبسة.
5- تنقع أوراق شجرة الكستناء في الماء ثم يتم شربها لعلاج الانتفاخ.
استخدامات أخرى
1- توضع أوراق شجرة الكستناء في خزانات الملابس والكتب، وذلك لمنع تكون بعض الحشرات البيتية التي تقرض الورق والملابس.
2- تستخدم أخشاب شجرة الكستناء في صناعة الأثاث، نظراَ لقوة تحمله، لذلك يصنع منها الأعمدة والأسيجة والبراميل الخشبية.
3- تعتبر شجرة الكستناء مصدراَ هاماَ لمادة ( التانين) التي تستعمل في صناعة الجلود.
قصيدة شَجَرَةُ الكَستناءِ
وهنا قصيدة للشَّاعر إحسان الخوري عن شجر الكستناء جاء فيها:
هُناكَ جَانِبَ شَجَرَةِ الكَستَناءِ..
السُّكونُ مُكْتَمِلٌ..
وَلمْ يَكنْ لِقائي أبَداً مع السُّكونِ..
في الغابَةُ أليفَةُ الظِّلالِ..
يَتَخَلَّلُها مِزَقٌ مِنَ الضَّوءِ..
وَوُريقاتٌ يغمُرُها التُّرابَ..
والوَقتُ أوراقٌ مِنَ الصَّقيعِ..
آثارُ خَطوَاتِكِ في الذَّاكِرةِ..
أُبصِرُها جَميعاً..
هيَ رَمَاديَّةٌ وشَفَّافةُ الوَميضِ..
مُتَبَدِّلةُ الضِّياءِ والألوانِ..
إنَّها في باكورَةِ الصَّباحِ..
بَاكُورَةِ صَحوَةِ الأعْشَابِ..
هنا أشْعُرُ بِقَطرَاتٍ من المَطَرِ..
ثم يَضرُبُ المَطَرُ بِقوَّةٍ..
فأُخَبِّيءُ ذَاكِرتي.
اللون الكستنائي
هو لون يميل للون البني أكثر من غيره للألوان، وأصل اللون الكستنائي مشتق من اللغة الفرنسية واستخدم لأول مرة عام 1779، ويطلق عليه اسم «مارن».
واللون الكستنائي كان يُعتقد أنه يمثل لون جلد الأميركيين الأصليين، فقام «كرايولا» بتغيير اسم لون تلوينهم من «الهندي الأحمر» الذي تمت صياغته في عام 1958 إلى «الهندي الكستنائي».
ويُعتقد ان من يقيم في غرفة بنية اللون، فإن ذلك دلالة على الراحة النفسية والسعادة.
اغنية بيّاع الكستنا
وهناك أغنية عربية عن الكستناء تقول بعض كلماتها:
وينك يا بيّاع الكستنا
بصوتك صحّيتلي ذكرياتي
من زمان إذ كان يعم السلام
ويحلو للناس الهمس والكلام
الفنان سيزان وشجر الكستناء
قديماً رسم مشاهير الفن التشكيلي الأجنبي لوحات عديدة للأزهار والاشجار ومنها أشجار الكستناء الجميلة, ومنهم كان «فان جوغ» و«بول سيزان», وغيرهما... إذ تعتمد لوحات الفنان الفرنسي بول سيزان - المتوفى عام 1906- بشكل كبير على التناقضات مع الضوء الناعم والفروق الدقيقة في الألوان.
ففي لوحته تلك المرفقة مع هذا المقال فإن المشهد الرئيسي في الصورة هو أشجار الكستناء.. إذ يوجد في مقدمة الصورة ثلاث أشجار كستناء كبيرة، والمشهد يصور يوم مشمس صافٍ حيث يمكن الحكم على هذا من خلال السماء الزرقاء الساطعة، والعشب الأخضر الدافئ والمشرق.والتدفق الهادئ للزمن وتدفق الحياة نفسها. إذ يخلق الفنان منظرًا طبيعيًا باستخدام مجموعة متنوعة من الظلال.
وفي هذه اللوحة فإن الضوء يفسح المجال للظلال, والنقطة الأساسية هي إظهار سطوع الأجزاء المظلمة بدلاً من إضاءة المناطق الطبيعية.
وبهذا يمكن اعتبار بول سيزان فناناً وشاعراً حقيقياً للمشهد الفرنسي الطبيعي الخلاب.