كتاب

حين يأتون إلى الدنيا

عقب اجتماعنا كهيئة إدارية لجمعية خليل الرحمن الخيرية، وبعد مناقشة بنود الاجتماع، توقفت مع سعادة د. محمد علي الجعبري ليس بصفته رئيس الهيئة الإدارية ولكن بصفته طبيباً وفي مجال تخصص النسائية والتوليد والعقم لسؤاله عن كيف يأتون للدنيا، أولئك الذين يشهد ولادتهم كل يوم.

عبر ابتسامته الواثقة أجاب: لكل واحد منهم وأسرته حكاية، وقبل ان يمضي مسرعاً لعيادته تلبية للطلب الإنساني والطبي، وعدني بتسجيل ذلك في كتاب ؛ أجيال وأجيال جاءوا إلى الدنيا بشهادة دكتورنا وعبر حكاية تستحق الذكر.

حين يأتون إلى الدنيا يكن في عهدة كل منهم قدر سوف يعيشه وحكاية سوف يدخل في خضمها وتفاصيلها وربما أحلام سوف يأمل بتحقيقها وبالتأكيد تحديات سوف تكون ماثلة أمامه وبالمرصاد.

حاولت مع العديد من الأطباء حثهم وتشجيعهم على توثيق رحلتهم مع الحالات الطبية والتي تشكل قصة خبرة وعبرة، وعد البعض منهم وما زلت انتظر ذلك، واعتذر البعض لظروف وأمور شخصية، ولكن اعتقد أن الأمر مناسب جداً لتسجيل تلك اللحظات الحاسمة من مناجاة الروح ولغة الجسد؛ المرض والصحة وبيان عظمة الخالق سبحانه وتعالى في الكون وفي أنفسنا على حد سواء.

الدكتور محمد علي الجعبري مشهود له بالخبرة المميزة في مجال التخصص في النسائية والتوليد والعقم وكذلك لزوجته وفي نفس المجال الدكتورة وفاء الأخضر ولهما في سجل عيادتهما العديد من الحالات التي يمكن الإشارة إليها واستخلاص العبرة من تجربتها للقدوم إلى الدنيا وعلى يد فريق طبي تابع مضمون ذلك لحظة بلحظة.

عالم الطب غني وثري وزاخر بالتجارب والحالات والتي تستحق ذكرها والخروج منها بالكثير والمفيد والمناسب ذكره، تماما كما هي حالات الشفاء والتعافي من مرض السرطان، ولعل قصص الناجين من مرض السرطان مؤثرة ويشترك فيها جميع من له صلة وتأثير وتأثر في هذا المجال لإبراز حجم المعاناة والألم ومقدار الفرح بعد الشفاء.

أفواج وأجيال وشهادات في القادمين إلى الدنيا وربما المغادرين عنها تستحق الإشارة إليها، وتدوين ما يخصنا منها من ألم وصبر ومعاناة من جانب ومن فرح وسعادة وسرور، من جانب آخر وضمن مخاض أزلي للخروج من التحديات والعقبات إلى باحة جميلة من الأمنيات الطيبة والخيرة لعيش الحياة بما تستحق من التفاؤل والأمل والرجاء وبما تستحق من العمل والعطاء.

مع قدومنا إلى الدنيا ومفارقتها، ثمة محطات ومراحل وذكريات ولحظات، يبدو أن الأطباء اقرب منا إليها وأوفر فرصة للوقوف عندها وخصوصاً عند اجراء العمليات الجراحية والقرب من النفس البشرية وهي في عالم قدره الله لها دون غيرها.

ما يزال السؤال حاضراً للدكتور محمد علي الجعبري ومن يشهد الولادة والمغادرة ولنا جميعاً: لماذا لا نلتفت قليلاً إلى هذا العالم الروحي والإنساني، لنسجل ونرصد لحظة الميلاد والفرح الحقيقي لمعنى الحياة، من مثل ولادة بعد قصة عقم طويلة، أو قصة ولادة خاصة؟

وما تزال الأفواج تأتي للدنيا وتغادرها كذلك وما تزال المسافة بين البكاء والفرح قصة لمشوارنا ومشروعنا المتجدد، فهل ترصده النظرات الثاقبة وتسجله العبارات المناسبة وتصوره الأجهزة المتقدمة؟

في الطريق إلى غرفة العمليات، أخبرني طبيب عن تجربته مع مريض معين وقال: كنت وإياه في طريقنا إلى البوح؛ ذهب هو وتمنيت لو جلست مع نفسي لأقول الكثير، وعدني بالمساعدة وبالتريث قليلاً ريثما يخرج من غرفة العمليات وما زال كذلك إلى لحظتنا الراهنة لعل وعسى!

أيها الأطباء يا من تنثرون بعلمكم علينا: اكتبوا وساعدونا على فهم الحياة أكثر، ولكم التحية والتطوع لمساعدتكم في ذلك وأكثر.

fawazyan@hotmail.co.uk