كتاب

نعم.. ولكن!

خارج صندوق التنظير لا بد من النظر إلى الواقع الذي نعيش اليوم؛ تحديات كبيرة تتداخل فيها الهموم الاقتصادية وتقف عائقا أمام التفكير في المستقبل ودرب الأمل والتفاؤل.

جملة عديدة من حجم التقصير المرافق للمنخفض الجوي والتي تكشف عن مقدار الخلل في تحمل المسؤولية والتعامل مع موقع المسؤولية بما يتطلب ذلك من سهر ومتابعة وما يجب من مساءلة ومحاسبة.

نعم ثمة العديد من الأخطاء ولكن تراكمها إلى هذا الحد من الإهمال والتقصير والتهرب من المسؤولية يعيدنا إلى البداية المناسبة لاتخاذ القرار الجريء وفي موعده المناسب وصيغته العلاجية قبل فوات الأوان وضياع الفرص للإصلاح.

لا يقتصر الأمر على القطاع العام بل يتجاوزه إلى القطاع الخاص؛ ثمة حاجة ماسة لصاحب قرار جريء وشجاع يستند من خلاله على معلومات وبيانات ووقائع سليمة وواقعية.

ربط التطوير يقوم على التقييم ووفق مؤشرات دقيقة وقابلة للقياس ومن خلال برنامج مساءلة شامل وضمن وصف وظيفي واضح وموثق للحكم من ثم على حجم الإنجاز والتقدير من جهة، وعلى حجم التقصير والإهمال من جهة أخرى في غاية الأهمية.

يمكن تصيد أخطاء وعثرات الكثير ممن يتحمل المسؤولية وتلك ظاهرة باتت واضحة لتهرب المسؤول في أحيان ومواقع عديدة من اتخاذ أي قرار خوفا من المساءلة المباشرة وخصوصا من المتضرر نتيجة القرار، ولهذا؛ الجرأة في اتخاذ القرار لا تكون إلا من خلال نهج وأسلوب عمل واضح وثقة واقتدار.

نطالب بالإصلاح والتطوير والعديد من القرارات الحياتية والشخصية، ويغيب عن البال مهارة اتخاذ الجريء في وقته ومناسبته وتلبية متطلبات الإصلاح والتطوير وأهمها: المكاشفة والصراحة جنباً إلى جنب مع الاعتراف بالخطأ والاعتذار.

لم يعد مقبولاً تبرير التقصير والإهمال والضعف؛ ينبغي ترك موقع المسؤولية حين ذلك وإفساح المجال لمن يستطيع ويقدر على مواجهة التحديات وإيجاد الحلول واتخاذ القرار بقوة وحزم وثبات.

الحجج ذاتها التي تقف وراء عدم اتخاذ القرار ومنها: أوامر من فوق، ضغوطات ثقيلة، تدخل كبير، باتت غير مقنعة، بل وأصبحت مرفوضة حين تسلم المسؤولية مهما كبرت أو صغرت وفي المجالات والمستويات كافة.

اتخاذ القرار هو سمة قيادية ومهارة يجب تمكين الشباب من اكتسابها وضمن مراحلها ومستوياتها المتتابعة من أجل الوصول إلى نخبة قيادية تتحمل المسؤولية باقتدار وكفاءة عالية.

حال وضوح الخلل تتم المتابعة ولكن وللأسف الشديد ما تزال ثقافة الاعتراف والاعتذار عن الخطأ غير حاضرة وماثلة أمام الجميع لتحديد جهة التقصير والتهاون والاستهتار بعيداً عن ضجيج الحدث ذاته والذي يهدأ ويتلاشى صداه بعد فترة قصيرة.

يدعو العديد وفي ظل التقصير والإهمال إلى المحاسبة الفورية والقصاص العادل لمن يثبت عليه مضمون ذلك، ولعلها مناسبة للمطالبة أيضاً بتكثيف الكشف عن حالات الفساد وضمان محاسبتها وفق القانون لإتاحة الفرصة للجميع للشعور بالعدالة والأمان.

نعم هناك الكثير والعديد من العثرات والهفوات ومجالات التقصير والإهمال والخلل، ولكن هل يمكن النظر ملياً إلى جوانب الخير الواسعة في مجتمعنا وضرورة البناء على تلك النماذج وقصص النجاح والكفاح والتصدي والصبر والشجاعة واعتبارها قدوة ومثالاً طيباً للإنقاذ والبذل والعطاء؟

نعم وبكل صراحة في بلدنا الطيب الكثير من نماذج العطاء المخلص والجهد الوطني المميز ونحتاج بالفعل لتعظيم دورها في مسيرة الإصلاح والتطوير لتساهم في رفع الهمة والأمل وفي إزاحة النماذج السيئة والمسيئة والمهملة والمقصرة.

نعم ونقولها بقوة: علينا عدم التهاون في كشف المقصر والفساد وحالات الخلل في المواقع كافة، ولكن علينا وفي الوقت ذاته رفع قيمة النماذج الناصعة والصادقة لخدمة الوطن والمواطن والدولة وهي للأمانة كثيرة وموزعة في المجالات كافة الحكومية منها والخاصة ويمكن الاستفادة منها في أوجه الخير والعطاء كافة.

نعم لدينا ما نخجل منه، ولكن فينا من الخير الكثير لنعتز به ونفتخر، لنعمل على إظهاره وفي ذلك الخير كل الخير.

fawazyan@hotmail.co.uk