كتاب

«حزب الدولة»!

معالم تشكيل الأحزاب الجديدة وحتى تلك المرخصة تؤشر إلى ضم العديد من مكونات المجتمع في عضويتها، ولكن مع ذلك كله، لا بد من تشكيل «حزب الدولة» (وليس بالضرورة الحكومة)، والقائم على بناء حزب يضم جميع عناصر الدولة والتي يمكن لها تنظيم وتدريب قيادات شابة وقادرة على خوض غمار الحياة السياسية باقتدار.

من يقرأ بتمعن مذكرات الملك عبدالله الأول، يلحظ بوضوح بعد النظر لمستقبل البلاد، وبنظرة ثاقبة ورسم تأسيس حزب ليتولى مقاليد أمور عامة الناس والمواطنين بقدوة حزبية ولحماية الدولة على حد سواء.

تأسيس الأحزاب الجديدة، يحتاج إلى وعي تام بأهمية تشكيل معالم سليمة للأحزاب سواء من المؤسسين والراغبين في الانتساب لخوض غمار التعلم في المدرسة السياسية، والصبر للتدرج في المراتب الحزبية، والانغماس في تنفيذ البرامج القائمة على أساس احتياجات البلاد والقواعد الشعبية.

الملفت للنظر الاستعراض المكثف للإعلان عن تشكيل حزب ومن ثم ترخيصه رسميا والانطلاق لدعوة المهتمين في الاشتغال في السياسة ورسم السياسات والبدائل المناسبة وتشكيل حكومات الظل والمشاركة الإيجابية في حراك المواطن للحصول على معظم مطالبه المشروعة.

الأحزاب بيوت خبرة وطنية وقواعد مرجعية لفهم الدستور وجميع ما يمت له بصله ومناقشة تفاصيل مشاريع الدولة (وليس الحكومة) وترتيب الأولويات الوطنية والعربية والدولية وتنظيم الأمور بشكل مناسب ومتاح لتنفيذ البدائل ضمن الإمكانيات المتاحة.

«حزب الدولة» كما في سائر الدول حزب مستقل تماماً ويخطو صوب العديد من المطالب الشعبية والرسمية والكثير من المشاريع ذات الأهمية ويضم في عضويته مكونات من المجتمع قادرة على التقاط رسائل الدولة وتنفيذها في إطار القانون والأنظمة والتعليمات والتي على منتسبيها الإلمام بها بدقة ودراية وحسن تصرف.

ثمة العديد من المرجعيات الأدبية والقانونية والبحثية والتي يحتاج العضو في الأحزاب لتعلمها وتداولها وإتقان المناظرة في مضمون ما يطرح ولن يكون ذلك سوى بمراحل مبكرة من التنظيم والتدريب مشفوعة بالهواية والمهارة واكتساب المهارات اللازمة لذلك من خلال مراتب الحزبية والتدرج للوصول إلى الصفوف المتقدمة في اللجان المركزية ورئاسة الحزب.

'حزب الدولة» يضم من يضعون المناهج الوطنية ويصممون البرامج التدريبية والمناظرات والدورات وما يلزم للارتقاء بالحوار إلى أعلى درجات المسؤولية الأخلاقية والوطنية وتوفير العديد من أشكال ووسائل التواصل للصالح العام، إضافة لتعلم أصول العملية الانتخابية والتصويت والممارسة الديمقراطية.

ليس المطلوب في المرحلة القادمة الإثارة للإعلان عن عناوين وأسماء المؤسسين للأحزاب الجديدة والتي سوف ينظم قانون الانتخاب عملها وتدرج وصولها للبرلمان ومن ثم تشكيل الحكومات الحزبية وضمن رؤية واضحة وسليمة وواقعية.

وليس ما نقصد أبداً الحزب الحاكم، ولكن المقصود «حزب الدولة» القوي بالانتماء الوطني الشامل لكل مرتكزات الهم الوطني ومطالب وطموحات الشعب والتحديات وضمن تصورات التيارات السياسية وفي ظل القانون والتشريعات النافذة.

'حزب الدولة» هو العنوان القادم في زحمة ما يمكن أن يكون من أعداد جديدة من الأحزاب والرغبة الأكيدة للعب دور هام في الحياة السياسية والمشاركة في الشؤون العامة وتهيئة المناخ لصانع القرار للنظر إلى الملفات من جميع الزوايا.

النضج السياسي سمة من طبيعة الأحزاب المؤسسة منذ قيام الدولة والمرافقة للتطور السياسي تماما كما نظر اليها الملك عبدالله الأول المؤسس وسبق عصره حين رأى ذلك ممكنا لإرساء أركان الدولة الأردنية.

ننظر إلى الكثير من الندوات والمناظرات تلك التي تعقب تأسيس وترخيص الأحزاب والانطلاق للمراحل اللاحقة من العمل الحزبي المنظم وقد يلزم لذلك الهدف سنوات من العمل والصبر والتخطيط والإدارة والتنسيق والبناء على الإنجازات والطموحات.

ليست العبرة في الترخيص للحزب الجديد ولكن المنشود التوسع في قبول الأعضاء وفق آلية ورؤية واضحة المعالم وقابلة للتحقق واثبات الوجود؛ يضمن ذلك ويعززه «حزب الدولة» لا غير!.

fawazyan@hotmail.co.uk