كتاب

الشرق الأوسط بين ضرب إيران واستعادة الجولان

قام وفد أمنى إسرائيلي رفيع المستوى بزيارة واشنطن مؤخراً للوقوف على سيناريوهات توجيه ضربات لإيران على مدى ثلاثة أسابيع من عدة جبهات قبل ربيع العام ٢٠٢٢.

فمنذ أيام تحدث مسؤولون أمنيون من عدة دول عن دلالات زيارة مسؤولين غربيين للشرق الأوسط في ظل نشر إسرائيل أسلحتها الهجومية وطائراتها الحديثة في عدة دول قريبة من إيران.

ويقول هؤلاء المسؤولون إنه من شبه المؤكد أن هناك حالة استنفار في عدد من الدول في ظل استعدادات للحرب.

يأتي هذا بالتزامن مع ما نشرته إحدى الصحف الأميركية أن موقف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط قد تراجع بشكل كبير. حتى أن البعض بات يرى أن الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية من عدة دول شرق أوسطية تمهيداً للخروج النهائي من المنطقة بمثابة حماية قواتها من رد فعل القوات الإيرانية وحلفها في حال استهدفت أهداف ومنشآت عسكرية ومدنية داخل إيران.

والسؤال الأهم هنا: هل هذا التراجع يعني ضعف النفوذ الأميركي فعلياً في الشرق الأوسط الآن أكثر مما كان عليه في الماضي؟

منذ العام ٢٠١١، بدأت التوترات في عدة دول في الشرق الأوسط وشرق أوروبا وهونج كونج وتايوان. ولعل الأهم في الوقت الحالي هو فك شيفرة العلاقات الصعبة بين واشنطن وأنقرة والتي تشير إلى أن نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة أقل مما كان عليه في الماضي القريب وبعد التقارب ما بين إيران وتركيا مؤخراً، سيكون فك تحالف المصالح بين أنقرة وطهران على رأس الأولويات في السياسة الخارجية الأميركية كما أن الضغط على إيران أكثر لا يمكن أن يتم دون ضوء أخضر من حلفاء إيران الدوليين الذين بدورهم يريدون تنازلات في مناطق نفوذهم.

في الوقت ذاته، فإن علاقات موسكو وبيجينغ مع حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط ربما تستدعي القلق. فخلال الحرب الباردة، كان الاتحاد السوفييتي يحاول إضعاف أو حتى الإطاحة بالحكومات المتحالفة مع الولايات المتحدة حسب ما ذكرته مجلة ذا ناشونال انترست.

روسيا والصين تعملان اليوم مع الكثير من دول الشرق الأوسط المتحالفة مع الولايات المتحدة، ولا تسعيان لإضعاف تلك الدول.

ولا يبدو أن روسيا والصين مهتمتان بإقناع حكومات الشرق الأوسط بإنهاء تحالفاتها مع الولايات المتحدة والتحالف مع أي منهما أو كلتيهما بدل ذلك إذ إن كلتا الدولتين حريصتان على عدم استبدال الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لأن ذلك مكلف مالياً جداً.

المهم اننا سنشهد في حال ضرب إيران استعادة الجولان المحتل وبدء المفاوضات الكبرى على مستقبل الشرق الأوسط وفق آليات جديدة ومعطيات لا تفرضها إسرائيل وحدها.

المهم بالنسبة للدول الكبرى الحفاظ على مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية من حيث مبيعات السلاح، وصفقات النفط والاستثمارات البينية؛ فالشرق الأوسط ودول شرق أوروبا وشرق آسيا هي ساحة الدول الكبرى لتصفية الحسابات على رقعة شطرنج تتشابك فيها المصالح تارة وتتضارب فيها تارة أخرى للمزيد من النفوذ العالمي.