كتاب

تمكين المرأة ماضٍ وحاضر

تتعالى الأصوات... وتشحذ الأقلام وتنبري منذ عقود وأكثر للتحدث عن تمكين المرأة وحقوقها في ميادين العمل والحياة لتنجز... تبدع وتتألق... ولكن هل هذا ما حدث ويحدث بالفعل على أرض الواقع؟!!

هل فعلا نحن بحاجة كل هذا الصخب لنعطي المرأة حقها؟ وعن أي حق يتحدثون وأية مبادئ.. قيم.. ومنظومات أخلاقية يَتبِع هذا التمكين؟!!

ألم يأت الاسلام ويكرم المرأة كما لم تكرم من قبل ألم يحررها من السبي.. المتاجرة.. الوأد.. والابتذال بكافة أشكاله في زمن الجاهلية؟

المرأة.. هي الأم التي وضعت الجنة تحت أقدامها. هي الزوجة التي خلقت من نفس الرجل ليسكن إليها. هي البنت التي ستقف يوم القيامة للأب الذي أحسن تربيتها حجابًا عن النار. هي وصية المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام (رفقاً بالقوارير) وفي حجة الوداع (استوصوا بالنساء خيرا). المرأة التي القوامة عليها تكليف وضع لخدمتها والعناية بها والتكفل بكل ما يحفظها ويسعدها وليس كما يُعتقد تشريفاً وهيمنة ذكورية. كل هذا التمكين والتقدير جعل من المرأة قوة وإرادة حديدية فخاضت بجانب الرجال الحروب وضمدت الجراح.. درست العلوم.. ضُمنت لها حرية العمل وأُقرت لها الذمة المالية المنفصلة عن زوجها وأهلها وبُيَّن كل الذي لها وعليها حقاً بالمعروف. في الديانة المسيحية هي أم المسيح سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام التي اصطفاها الله لتكون من خير نساء العالمين وأنزلت فيها سورة مريم في القرآن الكريم. في واقعنا الحالي أيضاً نريد تمكين المرأة.. نريد لها القوة الحقيقية في حق القرار والاختيار، بأن لا تعامل على أنها عورة وعار، أن تحمى من العنف الأسري والمجتمعي والاستغلال بكافة أشكاله وأنواعه في كل المجالات لتشعر بالأمان المعنوي والفعلي في بيتها، دراستها، عملها ومجتمعها. لنعد أيضاً للمرأة حقها بأن تكون أماً ترعى صغارها بلا خوف ولا قلق من القادم المجهول وتراكم الالتزامات وهموم المديونيات فهي أساس البيت الحضن الدافئ، الطاهية، الممرضة، المعلمة، المربية سيدة العائلة الأولى في كل شيء. فمثلاً في أوروبا تعطى الأم إجازة أمومة تصل لعامين مدفوعة الراتب وبكافة الامتيازات والحقوق. أليس نحن الأولى بتطبيق (حمله وفطامه في عامين). وإن كان حتى بنصف حقوقها ورواتبها، بالمقابل يتم توظيف بديلاً عنها من الشباب العاطل عن العمل بالنصف الآخر المقتطع من راتبها كبديل مؤقت عنها في إجازة الأمومة مما يكسبهم الخبرة العملية والتجربة الواقعية ويتيح لهم الفرصة للتدريب والتطوير الوظيفي ومصدر دخل وإن كان قصير الأمد يساهم في بعض من مصاريفهم الشخصية والتزاماتهم المادية. لنعد للمرأة حريتها الفكرية والعقائدية بأن لا تكون بوقًا صارخًا فقط بما يملى عليها من وراء ستار. أن تحيا بذاتها وبجمالها الخاص النابع من داخلها على فطرتها وليس على مقاييس ومعايير جمال مصطنعة من قبل تجار الصناعات المختلفة وما تعرضه وسائل الاعلام. لنعد التوازن لحياة المرأة لتحيا كما تريد أن تحيا بكرامة بعزة بلا مهانة ونعمل على تمكين الرجل في حياتها ليكون لها سنداً وقوة بعد الله لتكن له هي المرأة والأنثى بكل معنى الكلمة فيواجهان معاً تحديات وغمار الحياة نحو تمكين مجتمعي تكاملي متكافئ يعزز قيمنا ومعتقداتنا ويرتقي بنا نحو مستقبل أفضل.