كتاب

السر عند القوات المسلحة

مرة أخرى تؤكد استطلاعات الرأي العام ارتفاع ثقة الأردنيين بقواتهم المسلحة وأجهزتهم الأمنية «المخابرات والأمن العام», وهي قضية تفرض علينا وقفة مراجعة وتأمل لمعرفة سبب هذه الثقة, ذلك أن منتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية هم من نفس البيئة السكانية لسائر موظفي الحكومة, بمكوناتها الثقافية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية, فجميعهم أردنيون ومع ذلك يتميز العسكر عن سائر الأردنيين فيختلف أداؤهم عن أداء أشقائهم وأبناء عمومتهم وأبناء أخوالهم من الأردنيين الذين يعملون في سائر أجهزة الدولة الأردنية, لذلك يمكن القول إن علة الدولة الأردنية ومشكلتها ليست في العنصر البشري الأردني, بدليل تميز هذا العنصر في دول الاغتراب, إضافة إلى تميزه في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية داخل الوطن, ما يدفعنا إلى التساؤل عن السبب في اختلاف أداء الأردني خارج الوطن وفي صفوف القوات المسلحة والأجهزة الأمنية, فيكون هذا الأداء متميزاً ومشهوداً له ومحل ثقة, بينما يتغير هذا الأداء داخل وزارات الحكومة الأردنية ومؤسساتها ودوائرها ابتداءً من انخفاض الإنتاجية وصولاً إلى انعدام الثقة مروراً برداءة الأداء والإنتاج.

فهل السبب هو غياب سيادة القانون والاحتكام إليه في كل شيء؟

أم هو عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب, بفعل الواسطة والمحسوبية التي تؤدي إلى نزول بعض المسؤولين بالمضلات على مواقع لا يصلحون لها؟

أم هو غياب العدالة والإحساس بالمظلومية نتيجة لعدم احترام الكفايات والأقدميات والتسلسل الهرمي؟

أم هو غياب التخطيط ثم المتابعة؟

أم هو غياب التدريب والتأهيل المستمر؟

أم هو غياب المساءلة ومبدأ الثواب والعقاب, حيث يتساوى المحسن والمسيء وتسود الفهلوة؟ ام أنه كل ما تقدم مما يلمس المواطن وجوده في وزارات الحكومة ومؤسساتها بينما يغيب عن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية حيث سيادة القانون والإحساس بالرضا الناتج عن الإحساس بالعدل والانضباط واحترام التسلسل والعمل ضمن خطط وبرامج زمنية عابرة للرجال, وهذه هي أهم مقومات الإدارة الناجحة التي يشكل غيابها المدخل لكل مشاكلنا, والتي يكمن سر حلها عند قواتنا المسلحة وتجربتها في الضبط والربط أي في الإدارة والقيادة.

Bilal.tall@yahoo.com