كتاب

إسرئيل «تستورِد» 3 آلاف طبيب «يهودي».. لـ«طرد» الأطباء العرب

لم تُخفِ بل تُجاهر دولة العدو في استخدام شتى الوسائل والأساليب لتحقيق هدفها الرئيس المُتمثّل في «عَبْرَنَة» العمل, وهوالمبدأ الأساس الذي دعا اليه الفاشي/اليهودي المُتطرّف والأب الروحي/للصهيونية التصحيحية ونظرية «الجدار الحديدي» زئيف/فلاديمير جابوتنسكي, قبل النكبة الفلسطينية, حاثّاً المستوطنين وأرباب العمل اليهود على عدم تشغيل العمالة غير اليهودية, خاصة السكان الأصليّين.

هذا ما مارسته حكومات العدو منذ إعلان الكيان الغاصب في تماهٍ بلا حدود مع المبدأ العنصري. اللهم ما خلا الأعمال التي «يتعفّف» اليهود عن القيام بها, خاصة بعد عدوان حزيران 67, وتدفق الاستثمارات والتبرّعات والأيدي العاملة الفلسطينية, مصحوبة بسيل لا ينتهي من المهاجرين اليهود, وصل ذروته في عهد نبي البيريسترويكا المُزيّف غورباتشوف, حيث وصل عدد الذين غادروا الاتحاد السوفياتي/بجمهورياته الـ«14».. نحو مليون ونيفّ, ما اعتبره دهاقنة الصهاينة «القيام الثاني» للكيان. عندما جاء اليهود السوفيات بتخصصاتهم النادرة في علوم الحاسوب والصواريخ والفيزياء النووية والتكنولوجيا والاطباء والممرضين والمحاسبين ورجال القانون وعلوم الطيران والصناعات العسكرية.. فأسهموا في رفع انتاجية الكيان والإرتقاء بمستوى المعيشة والدخل الفردي, ما مكّن اسرائيل من دخول نادي منظمة التعاون والتنمية الاوروبية (OECD) التي تضم الدول ذات الاقتصادات القوية, وتتوفّر صناديقها على اموال طائلة, تأخذ اسرائيل منها مئات ملايين اليوروهات, تحت بند دعم الأبحاث العلمية في جامعاتها كما مراكز الأبحاث فيها.

آخر تجليات العنصرية الصهيونية في محاربة «مُواطنيها» من فلسطينييّ الدّاخل, هو إقرار حكومة العدو المدعومة من القائمة الموحدة/الحركة الإسلامية الجنوبية، بزعامة الإسلامويّ المتأسرل منصور عباس أول أمس الأحد، مُخططاً لاستقدام «3» آلاف طبيب من أبناء الدّيانة اليهودية في «العالم»، تحت ذريعة سدّ النّقص في الجهاز الطبّي الإسرائيلي..

وإذ يواجه مئات الأطباء من فلسطينيّي الداخل صعوبة وتعقيدات بيروقراطية في محاولاتهم الإنخراط في الجهاز الطبيّ الإسرائيلي رغم اجتيازهم الامتحانات المقررة، وتوفرِهم على رخصة العمل الضرورية، فإنّ الذي تستبطنه هذه الخطة العنصرية المستندة إلى أكذوبة النقص في الجهاز الطبيّ, هو «لجم» ارتفاع نسبة الأطباء العرب (ذكوراً وإناثاً) في الجهاز الطبيّ الإسرائيلي، بعدما راجت كثيراً في وسائل الإعلام الصهيونية ذات النَفسْ الاستعلائي العنصري, مزاعم تتحدث عن أنّ «اللغة العربية» في جهاز الصحة باتت مُنتشرة على نحو مُقلق للمرضى وإدارات المشافي والمراكز الصحية اليهودية، بل ثمّة تقارير تحدّثت عن «رفض» مرضى يهود قيام طبيب/ة عربي/ة... بمعالجتهم..

صاحبة القرار العنصري هذا, هي المهاجرة اليهودية/إثيوبية الأصل وزيرة الهجرة والاستيعاب.. «تِنمو شطّة» المنتمية لحزب أزرق أبيض/كاحول لافان الذي يرأسه مُجرم الحرب/وزير الدفاع الحالي... غانتس.

من أين ستأتي إسرائيل بهؤلاء الأطباء؟

بالطبع من الخزّان «اليهودي» التاريخيّ/ دول أوروبا الشرقية ودول الاتحاد السوفياتي السابق, كذلك من أماكن تواجد اليهود المُرتفِع نسبياً.. كندا، فرنسا والأرجنتين. أما الجهة التي ستقوم بـ«استيراد» هؤلاء الذين ستُقدّم لهم حوافز مالية مُغرية، فهي الوكالة اليهودية عبر شركة تابعة لها تحمل اسم «حافايا ليسرائيل».

ثمّة أسباب أخرى غير تلك العنصرية/اليهودية/الصهيونية المعروفة تقف خلف هذا المخطط الخبيث, الذي سيسرّع في قذف مئات الأطباء من فلسطينيّي الداخل إلى سوق البطالة.. خاصّة بعدما كشفَت مُعطيات سابقة نُشرت مطلع أيلول الماضي في صحيفة «ذي ماركر» الاقتصادية، التي تصدر عن صحيفة هآرتس، أفادت أنّ نسبة الأطباء العرب (من فلسطينيّي الداخل) من إجمالي عدد الأطباء في إسرائيل باتت 16% مقابل 7% فقط في العام 1990.. ما يعني أنّ نسبتهم في سوق العمل الإجمالي ما بين 16-16.5% وهي نسبة مُطابقة لنسبة العمل في سوق العمل الإجمالي في دولة العدو. كذلك هي حال الصيادلة العاملين، إذ تصل نسبتهم بين 45-48% ونسبة المُمرضين/والمُمرضات حوالي 22% من إجمالي الممرضين/ والممرضات..

ولأنّ معظم طلبة الطبّ مِن فلسطينيّي الدّاخل يتّجهون إلى جامعات خارجية، فإنّ وزارة الصحة الصهيونية قامت بتشديد القيود على التعليم في الخارج، مُشترِطة أنّه سيتمّ الاعتراف بمَن تعلّم في جامعات وكليات الطبّ في الخارج فقط.... «ممن تخرّجوا في جامعات دول أعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD, إضافة إلى جامعات حصلتْ على «مكانة خاصّة».. وهذا القرار/وِفق وزارة الصحة سيسري على «مَن بدأ تعليمه بعد العام2019 ». ما يعني أنّ جامعات دول مثل رومانيا وأوكرانيا ومولدوفا وأرمينا ستسقط من قائمة الاعتراف، وربما مَن تخرّجوا في جامعات أميركية، كون الولايات المتحدة ليست عضواً في نادي دول OECD.

kharroub@jpf.com.jo