كتاب

 إلى «قاسيون».. أطل من «القلعة»

كانت دمشق (الشام) تبعث على الارتياح لدى زائريها، وتشعر ساكنيها بالسرور، وهي نظيفة هادئة متناسقة بوعي أهلها الباسمين، تزين شوارعها بالاشجار، وتنبعث من حدائقها رائحة الياسمين، ويشرب الناس فيها من عين الفيجة متميزة المذاق عذبة الشراب. وكان لدمشق في نفوس الاردنيين مكانة خاصة، بسبب ذاك السرور والارتياح المتلازم، تدفعهم لزيارتها في كل مناسبة وموسم، ومن أبرزها معرض دمشق الدولي، وهو الشعور الذي ما يزال الأردنيون يكنونه للشام، وقد تربينا هنا في الأردن العربي الهاشمي،على ان نعيش ونفكر ضمن الاطار العربي والشعور القومي، وفقا لرسالة النهضة العربية الكبرى التي حملها بنو هاشم الى هذه الربوع المتآخية وسرنا خلفهم تحت رايتهم الخافقة.

وفي موسم الخريف العربي (الربيع العربي بداية) الذي شهدت سوريا الشقيقة المجاورة فيه أحداثا تدميرية (2012 – 2018) أثناء ما سمي بالربيع العربي، كان الأردن ملكا وحكومة وشعبا يتابع مجريات الأحداث بالشقيقة الجارة الملاصقة، وظل يدعو سياسيا ودبلوماسيا واعلاميا الى تهدئة الحراك الشعبي من اجل الاصلاح بالحكمة والتعقل، بعيدا عن النار وتجنبا للتدمير، ووفقا لنهج واضح يوصل الى التفاهم بين مختلف القوى المخلصة لبلادها، حول حقيقة أن المجتمع في تطوره وتجدده، لا يستغني عن حنكة الشيوخ، ولا عن حماسة الشباب، فهي في مجموعها عقول للتفكير، وسواعد للبناء، لا تستبعد ولا تعطل ولا تهمل في المجتمع، الذي يتسع للجميع، ويتعاون فيه الجميع، من اجل سعادة المجموع.

وها هو الأردن اليوم يتجه بانظاره الى سوريا ويفتح قلبه لدمشق من جديد، والتي يرمز اليها الاتصال الهاتفي الذي تفضل به جلالة الملك المفدى مع الرئيس السوري العتيد، ليمهد ساحة واسعة مفتوحة للتعاون ويفتح بوابة كبيرة للتبادل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين الشعبين الشقيقين وبين الجارين القريبين ذهنيا ووجدانيا، في ابعاد ممتزجة ومتفاعلة، تزيل الجمود عن لهفة التفاعل الايجابي البناء، وتستبعد التردد عن معدن التجاوب الأخوي الأصيل، فالمصلحة واحدة لا متضاربة، والغد مشترك غير منعزل، والتضامن مطلوب ومنشود لاعلاء البنيان وتمتين الصرح، وأي عاصمة أهل لهذا الدور اكثر من عمان العرب الأردنية العرق والهاشمية القيادة؟، وأي جار مؤهل للمبادرة تجاه سورية الأخوة الدائمة اكثر من الأردن المبادر دائما وباستمرار؟

dfaisal77@ hitmail.com