نحو عقد اجتماعي أردني جديد
10:50 3-10-2021
آخر تعديل :
الأحد
لا تقوم المسؤولية الاجتماعية كطبيعة في الشخص، ولا تتحقق لمجرد الحث على وجودها لديه، إذ ثمة عناصر تشكلها، وتعين على توافرها، إذ هي بحاجة إلى اهتمام الفرد بالمجتمع والمحيط الذي يعيش فيه، بحيث يرتبط بهما عاطفيا ومعنويا، وبمبعث من هذا الارتباط يهتم أن يكون هذا المحيط آمنا مستقرا متماسكا، يرتبط أعضاؤه ببعضهم بروابط التفاهم والثقة المتبادلة، ويشعر هو كما الجميع أن مصلحة واحدة مشتركة تربطهم بهذا المجتمع، وهذا المكان الذي لم يعد حسب مشاعرهم كأي مكان، فمشاعرهم تدعوهم إلى أداء واجب خدمته وحمايته وتطويره.
وتجسد المسؤولية الاجتماعية الفهم المتبادل بين المواطن والمجتمع، لكي يفهم المواطن المجتمع الذي ينتمي إليه، كإطار ثقافي له عاداته وتقاليده وأعرافه ومعتقداته واتجاهات التفكير فيه وآمال الناس العامة وطموحاتهم لمستقبل مجتمعهم، ولكي يفهم المواطن وخاصة وهو في ريعان شبابه، معنى مشاركته في النشاط العام من أجل مصلحة المجتمع. ولكن هذه المشاركة التي يقوم الفرد بها مع الآخرين، بدافع من ذلك الفهم وذاك الاهتمام، لانجاز الأعمال التي تتطلبها مصلحة المجتمع، لن تتحقق إلا بتضافر جهود أعضاء المجتمع، وهم في حالة من التأهب والرغبة والحماس، للقيام بأفعال لصالح المجتمع، وخارج إطار المصلحة الشخصية والكسب الخاص.
ويحاول الإنسان دائما مهما كانت حياديته وموضوعيته، أن يوزن واجباته وحقوقه بشكل متقابل، ولا يخفف من غلواء ذلك إلا تنامي الشعور بالمسؤولية الاجتماعية، والتي تقتضيها التربية الرشيدة، فيحس بالغبن أحيانا عندما يشعر بأنه يقوم بواجباته، ولكنه لا ينال حقوقه كما يتصور أن تكون، ويحكم على مجتمعه حكما سالبا، ينشئ على أساسه موقفا تجاه مجتمعه، يثنيه وبدافع ذاتي عن أداء المسؤولية الاجتماعية، وربما يعلن عن تخليه عن قناعته بوجوب الشعور بالمسؤولية الاجتماعية. الا أن أبرز ما يضمن النجاح لعمليات تنمية المسؤولية الاجتماعية هو تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص، لأن اصطدام الشباب في حياتهم اليومية بممارسات تحيد عن هذا المبدأ، ستهز قناعتهم بهذا النوع من المسؤولية.
من المهم أن يدرك جيل الكبار أن مهمة تنمية المسؤولية الاجتماعية لدى الأبناء تقع عليه، فهي غرسة تبدأ بذرة في الصغر، وتسقى وترعى وتخصب، حتى تقوى ويشتد عودها، وتصبح ممارسة حياتية لا تقوى عليها مشاهد الخرق أو الفساد، ولا تزعزعها تداعيات الانتهاك والإهمال من قبل البعض. كما أن الانتباه إلى «حس المواطنة» أو استشعار «المسؤولية الاجتماعية» أو تقدير «أهمية التربية»، كأركان أساسية في بناء شخصية الإنسان، وهو القاعدة الأساس في توفير المورد البشري القادر على بناء الوطن وتنمية المجتمع.
dfaisal77@hotmail.com