كتاب

الاستثمار في الأردن.. واقع وطموح 

نتفق جميعا أن المخرج الأهم للتعافي من الأزمة الاقتصادية التي نعيشها في الأردن, والانطلاق نحو نمو اقتصادي متصاعد, يكمن في فتح الأبواب على مصراعيها للاستثمار الخارجي والداخلي.

ومن المعلوم أن من أهم مقومات النجاح, يكمن في توفير بيئة استثمارية جاذبة, والبيئة الجاذبة تعني أن توفر الدولة كافة المقومات الضرورية, من بنية تحتية وتشريعات مرنة, ومنظومة من الخطط ودراسات الجدوى الاقتصادية المعدة مسبقا في كافة القطاعات يطلع عليها المستثمر, ويختار ما يشاء منها.

وبطبيعة الحال لا يمكن أن يتم ذلك إلا بتشاركية فاعلة ما بين القطاعين العام والخاص, فالقطاعان العام والخاص يعتبران بمثابة القطبين المحركين لدفع عجلة الاستثمار.

لسنا بصدد الحديث في هذا المقال عن معوقات الاستثمار, في حين يمكننا أن نكتب مجلدات في ذلك, ابتداء من ضعف تأهيل العنصر البشري وانتهاء بالمعوقات والتعقيدات القانونية والبيروقراطية الإدارية, والخوف من اتخاذ القرار, والكثير من المعوقات التي لا يتسع المجال للحديث عنها, التي كانت وغيرها من الأسباب التي أدت الى بطء أو فشل الحكومات المتعاقبة بإيجاد حلول جذرية لدفع عجلة الاستثمار وترجمتها الى حقائق على أرض الواقع.

وفي هذا الإطار أكاد أن أجزم أن لدينا فعليا ما يسمى بقوة الشد العكسي, التي تعيق الاستثمار في الأردن, حتى وصل الأمر أن هناك من ربط إدخال الاستثمارات الأجنبية بنظرية (المؤامرة والمساس) بأمن الدولة وبمنطق لا يقبله العقل.

الملفت للانتباه أن جلالة الملك ليس فقط في لقائه الأخير مع بعض المستثمرين الأجانب, بل في جميع لقاءاته, كان وما زال يدعو إلى تذليل العقبات في وجه الاستثمار, بل وفي تصريحه الأخير, ركز جلالته على القطاع الصحي, ذلك أن الأردن يمتلك القدرة والمقومات التي تجعله أحد أهم الدول المتقدمة في هذا المضمار, وما ينطبق على القطاع الصحي ينطبق على القطاع السياحي, فالأردن يمتلك فسيفساء من الآثار الحضارية التاريخية والدينية والتضاريس الطبيعية, يمكن ترويجها كمنتج إذا ما تم استثماره وترويجه بالشكل الصحيح, وكذلك الحال في قطاع مجال?الموارد الطبيعية وقطاع التعليم وقطاع الاتصالات والمواصلات وغيرها الكثير من القطاعات.

وفي هذا المضمار أتمنى على الحكومة الحالية أن تتبنى الأفكار الملكية, وإعداد ما يسمى (مخطط شمولي) لكافة القطاعات, وأن يتم تعديل التشريعات بأن يكون لدى مؤسسات الحكومة ما يسمى (بالأذرع الاستثمارية), وبتشاركية فاعلة مع القطاع الخاص, على أن يتم ترجمتها الى مشاريع استثمارية جاهزة ومدروسة بجدوى اقتصادية تقدم للمستثمرين, بل وبترويجها عالميا أيضا لدى الشركات العالمية.

وأعتقد ان تجربة أمانة عمان الكبرى في هذا المجال مثال ناجح يحتذى به, عندما أسست شركة متخصصه لهذه الغاية, أسمتها شركة رؤية لإدارة ملف الاستثمار بطريقة علمية وعملية متقدمة, تمكنها من ترويج واستثمار أراضي الأمانة داخليا وخارجيا.

وفي النهاية أقول أننا نمتلك القدرة والإرادة والمقومات البشرية والطبيعية والمعرفية, لنكون دولة متقدمة جاذبة للاستثمار. فقد آن الأوان أن نشمر عن أيدينا ونعتمد على أنفسنا, وترجمة الأقوال إلى أفعال فكما قال الشاعر أحمد شوقي: «وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا».