كتاب

الهوى شامي

أعتاد الأردنيون على الثقة بكل أمر يكون في عهدة قواتهم المسلحة، لأنهم يعلمون أن الأمر جدٌّ لا هزل فيه، وأن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح..

لذلك فرح الأردنيون واستبشروا خيراً عند سماعهم خبر استضافة رئيس هيئة أركان قواتهم المسلحة «الجيش العربي» اللواء الركن يوسف الحنيطي لوزير الدفاع السوري، فقد وقع عليهم خبر اللقاء كوقع قطرة الغيث على الأرض العطشى بعد موسم جدب وجفاف، فتحول خبر اللقاء إلى نسمة هواء عليلة، لم يستغرب الأردنيون أن تهب عليهم من نافذة قواتهم المسلحة، فقد اعتادوا منها على الخير وعلى الإنجاز دائماً، لذلك فإن خبر لقاء رئيس أركانهم بوزير دفاع شقيقتهم سوريا أعاد النظارة إلى وجوههم والحيوية إلى نفوسهم، وأنعش الأمل في قلوبهم، بأن يعود حديث ?لوحدة إلى خطاب الأمة، فقد تعودوا من قواتهم المسلحة دائماً على زراعة الأمل وإعادة الأمور إلى نصابها. لأنها الأقرب إلى نبض وتفكير قائدها الأعلى، مثلما أنها الأقدر على ترجمة توجيهاته على أرض الواقع، فجلالته ظل طوال محنة أهلنا في سوريا مع وحدتهم شعباً وأرضاً، رافضاً أي دعوة لتقسيمها، وظل حاملاً للواء الدعوة لعودتها إلى الحضن العربي، لذلك قاوم الأردن كل الجهود التي بذلت لتقسيم سوريا، كما قاوم كل الإغراءات وكل الضغوط التي كانت تسعى إلى دفع الأردن للتدخل المباشر في الصراع في سوريا، وهو ما رفضه الأردن ودفع ثمنه غا?ياً، لكنه ثمن يهون أمام انحياز الأردن لمبادئه القومية، فما بالك والمستهدف سوريا التي هي منا ونحن منها، فهوانا في الأردن شامي لأننا قلب الشام التي تحتضن أبناءها في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين بدفء وحنان وإخوة لا انفصام فيها.

كثيرة هي أسباب ارتاح الأردنيون لخبر هذا اللقاء، فأولها أن الأردنيين والسوريين هم شركاء في التاريخ والجغرافيا والدم والنسب، وثانيها أنهم يؤمنون بأن هذا اللقاء هو أول الغيث في عودة الأمور إلى طبيعتها بل أقوى مما كانت عليه، لأن الذي يؤسس لهذه العودة هم رفاق السلاح وشركاء حماية الحدود المشتركة، ومواجهة قوى الظلام من إرهابيين ومهربين وتجار مخدرات، وكل ما يهدد أمن البلدين الشقيقين بل والأمة كلها، فمن حقائق التاريخ أننا أولاً وقبل كل شيء أهل بلاد الشام بصحوتنا واتفاقنا تصحو الأمة وبضعفنا وفرقتنا تضعف الأمة، ويصير?صفها شذر مذرا وهذه حقيقة راسخة من حقائق التاريخ التي تقوم عليها عشرات الأدلة والبراهين.

سبب آخر لفرح الأردنيين بلقاء رئيس أركانهم مع ضيفه السوري، فهذا اللقاء أكد استقلالية القرار الأردني، كما أكد انحياز قيادتهم إلى مصالحهم الوطنية وتطلعاتهم القومية.

Bilal.tall@yahoo.com