بعد أن أعلن دولة سمير الرفاعي رئيس اللجنة الملكية للإصلاح السياسي, الانتهاء من أعمال اللجنة, مصرحا أن هناك توافقا من قبل كافة اللجان المشكلة, فيما يتعلق بالمخرجات التي توصلت إليها حول كافة الملفات, وأنه سيرفع توصيات اللجنة إلى جلالة الملك, الذي سيحيلها إلى الحكومة, لاستكمال الإجراءات الدستورية, بإحالتها كمشاريع قوانين تعرض على مجلس النواب, لإقرارها حسب الأصول, وهنا مربط الفرس..
فإذا ما قبلنا بذلك يبقى ملف قانون الانتخاب الملف الأكثر جدلا, وسوف يكون محل نقاش ونقد من بعض القوى السياسية والشارع العام. فإذا كانت الحكومة بريئة من هذه القوانين براءة الذئب من دم يوسف, فسوف تكون تلك القوانين من مسؤولية مجلس النواب, الذي سوف يحيلها الى اللجنة القانونية, التي بدورها ستستدعي رئيس وأعضاء لجنة الإصلاح وغيرهم من خبراء قانونيين ومؤسسات مجتمع مدني, لمناقشة نصوص القوانين بالتفصيل, ومن ثم ستعرض على المجلس تباعا كما ورد من اللجنة لمناقشتها والتصويت عليها لإقرارها بصيغتها النهائية.
فإذا ما قبلنا أن رئيس لجنة الإصلاح راعى في اختيار فريقه جميع أطياف اللون السياسي, وأن التوافق فيما يتعلق بمخرجات اللجان الفرعية المتعلقة بالأحزاب والمرأة والشباب والإدارة المحلية أمر كان مفروغا منه، فيبقى ملف قانون الانتخاب الملف الأكثر تعقيدا, وليس من السهل الوصول إلى توافق يرضي الجميع.
لذلك، فإن الصيغة المقترحة حول القانون, يمكننا القول إنها صيغة توافقية وإن كانت لا ترضي الجميع. فكما قلنا سوف تؤدي إلى جدل كبير، سواء في اللجنة القانونية أو تحت قبة المجلس، وبخاصة الشق المتعلق بأعداد النواب وإعادة التوزيع الجغرافي للمقاعد، ومقاعد الأقليات والدوائر المغلقة، فما زال هناك فئات تعتبر أن تلك التغييرات تشكل مساسا بحقوقهم التي اكتسبوها طوال السنوات السابقة، وإخلالا بمبدأ التوازن الاجتماعي والجغرافي, المستند إلى العدالة في تمثيل المحافظات الأقل تنمية.
وبالنتيجة فإن كنا نختلف أو نتفق معها، استطاعت اللجنة أن تحقق إنجازا لافتاً في التعامل مع أحد أهم الملفات أهمية، وتجاوزت الكثير من الصعوبات والجدال، فإرضاء الجميع غاية لا تدرك، وإن كانت المخرجات لم ترتق لتطلعات البعض من المواطنين، فإن الواجب علينا أن نشكر اللجنة على الجهد المبذول، كما قال الحديث النبوي الشريف: «من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر».
وفي النهاية وإن كنت ممن لهم تحفظات على مقترح قانون الانتخاب، فإنني أعتبر أن مخرجات اللجنة مرحلة أو خطوة إلى الأمام, تخضع للتجربة والتقييم مستقبلا، ولا بد أن نعترف بأننا في ظل الظروف الحالية، ما زلنا بحاجة لمزيد من الوقت، للانتقال لمرحلة التمثيل النيابي المبني على أسس ديمقراطية صحيحة، حتى يتسنى لنا مستقبلاً الوصول إلى كتل نيابية ذات أطياف سياسية، نستطيع من خلالها تشكيل حكومات نيابية.
مواضيع ذات صلة