كتاب

أمام دولة الرئيس

إن المتابع لنشاطات وتحركات الحكومة, لا بد من أن يلمس الرغبة الجدية في إحداث تغيير اقتصادي إيجابي ملموس على أرض الواقع, أو يمكننا القول، الهروب الى الأمام في مواجهة التحديات الاقتصادية, وأقصد بذلك اتخاذ قرارات جريئة تتعلق بتخفيف القيود الناجمة عن جائحة كورونا الى الحد الأدنى, رغم أن خطر الجائحة ما زال ماثلا, وإعلانها الأخير عن حزمة من المشاريع الاقتصادية الضخمة التي سوف يكون لها انعكاس كبير على الاقتصاد الأردني. وبطبيعة الحال نعلم جميعا أن هذا التوجه مرتبط ارتباطا مباشرا في رغبة وتوجيهات ملكية من قبل جلالة الملك في تحسين الوضع, ورفع المستوى المعيشي للمواطن الأردني, وتوفير فرص عمل وتخفيف حدة البطالة, بإحداث تغيير وتحقيق إنجازات يشعر بها المواطن. فجلالة الملك يعلم مدى العبء الكبير, والمشاكل التي خلفتها الأزمة الاقتصادية العالمية, وما تبع ذلك من آثار سلبية, خلفتها جائحة كورونا على الاقتصاد الأردني. لذا نجد أن جلالة الملك في الآونة الأخيرة, ركز كثيرا أثناء زياراته للمحافظات أو في لقاءاته المختلفة, على أهمية استغلال أو توظيف الموارد والمميزات الطبيعية التي تتمتع أو تتميز بها المحافظات في المملكة. فعلى سبيل المثال في زيارته الأخيرة لمحافظة الكرك, تحدث عن أهمية استغلال الثروة السياحية في المحافظة، سواء الدينية أو التاريخية, وكذلك استغلال الثروات الطبيعية في المحافظة, لإنشاء مشاريع ضخمة.

ويجب أن يعي الجميع أن ما قاله جلالة الملك في تلك الزيارة, لا يتعلق بمحافظة الكرك فقط, بل في جميع محافظات المملكة, التي تمتلك مميزات سياحية وزراعية وصناعية، وثروات طبيعية, باستغلالها بمشاريع استثمارية تخدم الناس, وتوفر لهم فرص العمل, وتسهم في دفع عجلة التنمية التقتصادية.

أعتقد أن هذا التوجه الملكي يستند الى رؤية مستقبلية بعيدة المدى, حول ما يسمى (إعادة توزيع مكتسبات التنمية) بعدالة. فالتوسع في المشاريع خارج حدود العاصمة, سوف يكون له بالضرورة انعكاس إيجابي في الحد من الهجرة من الريف الى المدن, ومن المدن (المحافظات) الى العاصمة عمان, التي أصبحت تتمدد بشكل غير طبيعي, بسبب ازدياد اعداد الوافدين إليها من باقي المحافظات, ما أصبح يشكل عبئا كبيرا على البنية التحتية, وكذلك على نوعية وجودة الخدمات. فإحداث نقلة نوعية بالتنمية في محافظات الأطراف, سوف يجعلها محافظات جاذبة وليست طاردة, وسوف يساهم في تخفيف العبء عن العاصمة عمان, فعلى سبيل المثال وليس الحصر, فإن أبناء محافظات الجنوب القاطنين في عمان, ضعف أعدادهم في محافظاتهم الأصلية, وكذلك حال باقي المحافظات الأخرى, وإن كان ذلك بنسب أقل.

دولة الرئيس, رسالتي لك وأنا أعلم أنك رجل أفعال وليس أقوال, بأن «كسب العقول قبل كسب القلوب» وبإبقاء بوصلتك تجاه الوطن. فليس مطلوباً منك إرضاء الناس, بل إقناع الناس. فما تقوم به من جهد وتحركات، يعتبر قراءة ونظرة متقدمة, لما سوف يكون عليه الأردن في السنوات القادمة، وسوف يكون لها بلا شك انعكاس إيجابي على الاقتصاد الأردني.