لم يرد اسم افغانستان بهذا الاسم الا في عام ١٧٤٧م في عهد احمد شاه، وكان معنى الاسم لا يتعدى مدلوله (بلاد الافغان)، واول من اشار الى كلمة الافغان هو (فارها ميهرا) الفلكي الهندي، وينقسم سكان افغانستان الى مجموعات رئيسية هي الافغان والتاجيك والايرانيون والمغول والترك ويتكلم معظمهم بلغة البشتو والعربية..
تبلغ مساحتها حوالي مائتين وسبعين الف ميل مربع، يمر بها نهر جيحون ونهر كابل ونهر هيملند.
كانت بلخ اهم مدن خراسان و قندهار وكابل وهيرات التي فيها قبر عبدالله الانصاري ومدينة جلال اباد وبغلان وغزنة.
بدأ دخول الاسلام الى افغانستان في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب في عام ١٨هجري على يد الاحنف بن قيس ثم في عهد عثمان بن عفان وفي زمن الامويين اشتدت غزوات المسلمين حتى بلغت اسيا الوسطى وفي عهد الدولة العباسية استمر النفوذ الاسلامي في افغانستان وكانت للدول الطاهرية والصفارية والسامانية والغزنونية والغوريين والتيموريين بصمات في تاريخ افغانستان اغلب الافغان سنة على مذهب الامام ابي حنيفة.
قدمت افغانستان علماء ساهموا في الحضارة والفقه فأبو حنيفة (النعمان بن ثابت) اصله من كابل، وفقيه الشام مكحول ابي مسلم، وابو سليمان الجوزجاني وابو حيان اليمني وابن سينا والبيروني وجعفر البلخي عالم الفلك وعمر الخيام وبشار بن برد وجمال الدين الافغاني.
كان للسوفيات ابان جمهوريات الاتحاد السوفييتي علاقات وطيدة مع افغانستان انتهت باحتلالها.
حاربت أميركا روسيا بطريقة غير مباشرة، عندما جيشت العالم الاسلامي باسم (محاربة الشيوعية)، بدماء عربية واسلامية و باموال عربية، وباسلحة اميركية، تم طرد السوفيات، الى ان سيطرت طالبان على افغانستان، وكانت القاعدة في اوج قوتها، وبعد احداث سبتمبر، انقلبت أميركا على ما كان يسمى بالمجاهدين، وتحولوا الى إرهابيين وطال الارهاب ليس فقط الاشخاص، وانما الاسلام نفسه بحيث اصبح الاسلام صنو الارهاب في نظر الغرب، وتم تهيئة الجو للاحتلال بعد ان رفضت طالبان تسليم بن لادن، من منطلق لا يجوز تسليم مسلم لعدو، لان القتل مصيره، وهكذا كان. سقطت طالبان وافغانستان بيد الاميركان، وبدأ التحشيد الدولي لبناء افغانستان جديدة خالية من طالبان.
لكن طالبان لم تستسلم وان سقطت عسكرياً، وبدأت المواجهة في داخل افغانستان. بنت اميركا جيشاً قوامه أكثر من ثلاثمائة الف جندي وانفقت اكثر من تريليون دولار خلال عشرين عاماً، وبدأت كفة طالبان تظهر، الى ان قررت الإدارة الأميركية أن تنسحب من أفغانستان ولكنها لم تكن تتوقع أن تنهار المنظومة العسكرية والإدارية كاملة، خلال أحد عشر يوماً، كانت تتوقع ان تستمر المواجهة حول كابول ليس أقل من ستة أشهر، فأصبح الخروج فوضوياً، تاركين اسلحة وذخائر لا تقدر بثمن وسلطت الاضواء العالمية مجدداً على افغانستان، طالبان الغرب يريد منها ان تتماشى مع الواقع الدولي حتى يعترف بها، والامر غير المعلن ان تتخلى عن منظومتها الفكرية والايديولوجية، وان تتماشى مع الديمقراطية الغربية وطرح موضوع، حقوق الانسان، المرأة، التحديث، القوانين كأطر يتم محاكمة السلوك الطالباني من خلالها.
التجربة لدى أميركا تتكرر بين افغانستان وفيتنام، خروج فوضوي، وعدم القدرة على الاستمرار، بل الهزيمة المبررة والمقنعة بكل الذرائع.
العالم ومن ضمنه العالم العربي والاسلامي منقسم في نظرته الى طالبان وبعكس الاشادة بانتصار فيتنام واستلهام الدروس منها لمواجهة الكيان الصهيوني اختلفت النظرة لطالبان.
ما أكتبه لن تقرأه طالبان، ولكن ربما يقرأه العرب، طالبان ليست صورة الاسلام التي ندافع عنها، ولكنه اجتهاد في فهم نتفق معهم ونختلف، ليس من مسلم لا ينادي بحقوق الانسان، ولقد كتبت كتاباً، عنوانه وقفات مع الانسان في القرآن، الحقوق في الاسلام ليست صورة تكميلية او تابعة، انما هي قوانين مقرة، حق الانسان في الاعتقاد، في الحرية، في التفكير في الاختلاف، في المحافظة على النفس والمال والعرض والعقل وغيرها، والمرأة مكرمة. في مئات الايات، وعشرات المئات من الاجتهادات والكتب، ولا يوجد شريعة او قانون، كان اكثر تكريماً للمرأة من الاسلام، حتى الفت كتب الطبقات في النساء اللواتي برزن في الفتيا والفقه والادب والشعر والسياسة وغيرها.
انتصار طالبان ليست انتصار العقيدة مقابل التكنولوجيا، وإن كانت العقيدة هي المحرك الاساسي للافغان وعبر التاريخ، ولكنه انتصار الارادة ورفض الهيمنة والاحتلال وفرض ثقافة الغير، والقتال ضد من يريد ذلك رغماً وقوة.
افغانستان هي درس الماضي والحاضر والمستقبل، ماضياً هي هازمة الامبراطوريات وحاضراً هي من اخرجت اميركا ومن تعاون معها، مصطلح جديد يسمون المتعاونين وهي من نفس مفردات العملاء..
شيطنة الحركة ليست في صالح الغرب ولا في صالح المسلمين انما لتعديل المسارات والفهم وترتيب الاولويات..
هناك ترهيب مبطن للحركة، واذا كانت القوة المفرطة التي قتلت خلال عشرين سنة اكثر من ٢٥٠ الف افغاني لم تنفع فان الترهيب لن يفيد لانهم اي الغرب لن يكرروا التجربة، وسيعتمدون بدلاً من ذلك على اشعال حرب اهلية جديدة ومقاطعة..
بدأت دول كثيرة تفتح خطوطاً مع طالبان، وعلى رأسها روسيا والصين، ناهيك عن اميركا والمانيا وبعض الدول العربية، وهذا مفيد سياسيًا، هؤلاء اناس بشر لهم حقوقهم شعب عانى من القهر والمرض والجهل بما فيه الكفاية ومن حقهم ان يعيشوا كبقية شعوب الارض، اما كيف يحكمون انفسهم فهذا حقهم، وليس من حق الغرب ان يفرض عليهم قيماً وثقافة، لا يريدونها لانها لن تنجح، ولكن من حقهم علينا كعرب ومسلمين ان نحاورهم، ونصحح بعض فهمهم وتصوراتهم حول الاسلام، لانه في المحصلة النهائية سيكون الحديث عن الاسلام سلباً، يصيبنا نحن المسلمين، لان الاسلام ليس كذلك، هو ليس ارهاباً وليس ضد التغيير والحديث عن اساليب الحياة، بقيت نقطة اخيرة، ان المرتكز الفكري للقاعدة والتنظيمات السلفية الجهادية، مختلف تماماً عن فكر طالبان، طالبان احناف سنة، والتنظيمات الاخرى سلفية جهادية، ربما يصل بعضها الى حد تكفير طالبان، وهكذا حصل، اما ان تكون طالبان ملجأ للمسلمين المضطهدين، فالغرب نفسه احتضن كثيراً من المسلمين والمعارضين ومنحهم حق اللجوء السياسي.
نحن في عالم متغير، تتغير فيه المصالح، والتحالفات، فليكن لنا موطء قدم في هذا العالم الجديد.
مواضيع ذات صلة