كتاب

تهجير الأفغان

مشاهد محزنة للمجموعات من الأفغان الهاربين بعد دخول طالبان إلى الساحة من جديد، وتصل أعداد الهاربين إلى مئات الآلاف وتتجه خارج البلاد لتعيش حياة الغربة والحاجة والخوف.

معلوم طبيعة انتماء المجموعات الهاربة ومخاوفها ومعلوم طبيعة حاجتها إلى الحماية بعد أن قدمت واستفادت العديد من المميزات للعمل في حقل الترجمة والوساطة (وحتى يجنح البعض لوصفهم بالجواسيس).

تهجير فئات معينة من الأفغان بعد المعادلة الجديدة القديمة في أفغانستان يعني قصة متكررة تحدث عقب التغيير وانتقال السلطة والفوضى والمطاردة الأولى وتصفية الحسابات المتتابع..

الوضع الجديد للمهجرين سوف يحمل معه مجموعات متباينة؛ فئة تحمل معها ما استطاعت حمله من ثروة وامكانيات وسوف تتمتع بمزايا في بلاد الغربة، وفئة أخرى سوف تعاني من الظروف الصعبة كافة، وبالطبع هناك فئات منوعة بين المهاجرين وسوف تظهر سماتهم في مخيمات اللاجئين وحسب الدولة المضيفة..

تهجير الأعداد الهائلة يعكس حجم المعاناة التي كان يعيشها الشعب الأفغاني طوال السنوات السابقة إضافة للفقر والجهل والمرض والعديد من الظروف الصعبة الأخرى والتي لم تدع له فرصة للعيش بهدوء واستقرار..

أين سوف تذهب تلك الأعداد الكبيرة من المهجرين ومن سوف يستقبلهم في محطات ترحالهم وانتقالهم عبر العالم وبحثهم عن ملاذ وعيش آمن والتفكير في مستقبل اجيالهم القادمة..

فئة من المهجرين عملت خلال السنوات السابقة ومنذ عام 2001 في مهمات معينة وتعيل عائلتها وسوف تضطر للهجرة خوفا من سجلها الوظيفي السابق ومن رصيدها الموثق للتعامل مع الجهات الخارجية.

تهجير الأفغان إلى الخارج خسارة كبيرة؛ فالخبرات الهاربة منها من يستطيع الإسهام في توفير خلاصة جهدهم ومسيرة العطاء الخاصة بهم وفي مجالات محددة ومنها التعليم والصحة والإعلام والاتصال.

تهجير الأفغان يعني بالضرورة تفكيك شرائح المجتمع وتصنيف المواطنين وإرهاقاً للمعيشة داخل وخارج البلاد وقدوم أجيال خلف المسافات وخارج حدود الانتماء إلى وطن واحد ودولة تسعى للتقدم والازدهار.

سياسة التهجير ليست محمودة النتائج وتقضي على صلة القربى والانتماء وتبعثر الثروة بين المواطن في الداخل والخارج وكم سمعنا عن قصص مؤلمة ومرتبطة بالتهجير واغتيال الشخصيات وتصفية بعضها لمجرد الشبه وذلك هو الخطر الجوهري.

التهجير عبر المسافات قد يحمل بعض الفئات المهاجرة الاستقرار المؤقت في بعض الدول ريثما تتوافر فرص الهجرة الدائمة في بلاد تعهدت بذلك لها، وخلال تلك الفترات ولنا أن نتصور حجم المعاناة التي ترتبط بالمهجرين من جهة والأعباء الإضافية للدول المستضيفة مهما كانت إمكانيتها من جهة أخرى.

تغيرات عديدة اجتماعية واقتصادية سوف تفرضها الهجرة على المهجرين واضطرارهم لتقبل تلك الظروف حيث لا يتوافر لهم فرصة الاختيار سوى القبول بالأمر الواقع ودفع ضريبة الهجرة المكلفة.

ملف تهجير الأفغان لن يكون سهلا لأي طرف من الأطراف المعنية بذلك سواء بتحمل تكاليف التهجير والاستقبال والرعاية وتحمل الأعباء والاستيعاب ولن يكون سهلا أبدا على المهجرين في أرجاء العالم.

تهجير الأفغان ملف ليس بالسهل، علينا في الأردن التعامل معه بحكمة وذلك ما سيكون في الأيام القادمة.

fawazyan@hotmail.co.uk