نعلم جميعاً أنه في جميع كتب التكليف السامي لجلالة الملك حفظه الله, التي يكلف بها رئيس الحكومة الجديد, تتضمن في العادة توجيهات ملكية شاملة تتعلق بكافة الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مختلف تفرعاتها.
وتتضمن تلك الكتب عادة إشارات واضحة وصريحة للرئيس والوزراء بالابتعاد عن العمل البيروقراطي والتوجه للعمل الميداني.
وكثيراً ما كان جلالة الملك في تصريحاته أو زياراته المتكررة لرئاسة الوزراء, يؤكد ذلك, وكان يعتبره معياراً لتقييم أداء الحكومة بصفة عامة والوزراء بصفة خاصة, وكانت ايضاً سبباً في كثير من التعديلات الوزارية في الحكومات السابقة. يبدو أن رئيس الوزراء بشر الخصاونة، وبحكم تكوينه وقربه من جلالة الملك أثناء عمله الأخير مديراً لمكتب جلالة الملك في الديوان الملكي العامر أكثر دراية ومعرفة برغبات جلالته، وحبه للعمل الميداني.
وعلى الرغم من أن هذه الحكومة تعتبر حكومة استثنائية بكل المقاييس, كونها حكومة تعتمد على تسيير أعمالها استناداً لقرارات (أوامر الدفاع) التي فرضتها جائحة الكورونا، وكذلك بسبب الإرث الكبير من الهموم والمشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتراكمة, وكذلك ما واجهه الرئيس في البدايات من محاولات شخصية من البعض بالتشويش عليه, فاذا سلمنا أن هناك من يختلف أو يتفق معه في تعاطيه مع بعض الملفات, فلا بد من قول كلمة الحق, أن المتتبع لتحركات الرئيس بشر الخصاونة عبر وسائل الإعلام المختلفة, لا بد أن يقر بأنه شكل حالة استثنائية في العمل الميداني, والانتقال من وزارة إلى وزارة ومن دائرة إلى دائرة أخرى, وكذلك الزيارات الميدانية لمختلف المحافظات, وحتى النقاط الحدودية للاطلاع على الأمور على طبيعتها, بعيداً عن تقارير المسؤولين التي تصل إليه عبر القنوات الرسمية، والتي هي في العادة ما تزين بالإنجازات ولا يمكن من خلالها معرفة السلبيات..
إن المتتبع لما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي, ليس لما يقوم به دولة الرئيس فقط, بل تجاه أي عمل او قرار تقوم به الحكومة، يلاحظ حجم النقد والإساءة والتشكيك التي تنشر على تلك الوسائل, والغريب أن الغالبية العظمى ممن يقومون بذلك يكون نقدهم ليس موضوعيا أو مبنيا على حقائق او معلومات, بل إن الكثير منهم لديه إيمان مطلق (بنظرية المؤامرة)، وعلى مبدأ المثل الشعبي: «عنزة ولو طارت», ومنهم من يتباهى بالتجريح, والمتتبع للتعليقات يلاحظ حجم التسخيف لأي إنجاز تقوم به الحكومة, وبالعادة ما يربط النقد بقضايا محاربة الفقر والبطالة والإنجاز. فعلى الرئيس لتلافي ذلك بدلاً من إضاعة الوقت بالعمل الميداني, أن يبحث عن (فانوس سحري) يقضي على كافة مشاكل الأردن.
ولست هنا أتهكم على أحد، فإذا كان النقد والرأي والرأي الآخر حقا للجميع، فالأصل أيضاً أن نكون موضوعيين ومنصفين في قول الحقيقة تصديقاً لقول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: «من لا يشكر الناس لا يشكر الله».. وفي النهاية أقول لدولة الرئيس بشر الخصاونة، حتى ان وجدت الفانوس السحري لن تسلم من النقد فاستمر على ما أنت عليه، فالعبرة دائماً بالأفعال وليس الأقوال.
مواضيع ذات صلة