كتاب

أصداء على خطاب بايدن حول الانسحاب من كابول

خلال الـ ٢٤ ساعة الأولى على سقوط كابول، ساد الصمت البيت الأبيض ولكن خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن جاء لتبرير سحب القوات بعد خسارة أكثر من تريليون دولار أميركي على حرب استمرت قرابة العشرين عاماً. فهل لقرار الانسحاب تبعات على منطقة الشرق الأوسط والعالم؟

دافع الرئيس عن قراره بسحب القوات الأميركية من أفغانستان، كما وجه انتقادات للحكومة الأفغانية لتسليمها مفاتيح البلاد لحركة طالبان.

وقال بايدن في خطابه الذي ألقاه في البيت الأبيض: «إن التطورات التي حدثت في الأسبوع الماضي تؤكد أن وقف التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان هو القرار الصحيح».

وأوضح أنه «لا يمكن للقوات الأميركية ولا ينبغي لها أن تخوض حرباً وتموت فيها، فيما لا ترغب القوات الأفغانية في خوض حرب للذود عن حياضها».

فوفق مصادر في البيت الأبيض، صُعق بايدن بخبر سقوط كابول بأيدي طالبان بهذه السرعة، وهذا السقوط يعتبر أخطر اختبار لبايدن كقائد أعلى للقوات المسلحة الأميركية. كما أن كثيراً من وسائل الإعلام الأميركية رأت في انسحاب القوات الأميركية بهذه السرعة أمراً كارثياً وغير محسوب من النواحي الاستخباراتية.

قد يكون بايدن قد أوفى بما تعهد به لناخبيه بسحب القوات قبل حلول الذكرى السنوية لأحداث ١١ سبتمبر لكنه قد ترك منطقة واسعة من جنوب شرق آسيا الى شرق ضفاف البحر المتوسط عرضة للاضطرابات والتوترات السياسية حيث توجد خلايا إرهابية نائمة في تلك الدول وحواضن شعبية لها.

يرى أحد المستشارين السابقين للرئيس دونالد ترامب أنه عقب الانسحاب الأميركي من أفغانستان، فإن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على توترات من نوع جديد بسبب تداعيات سيطرة طالبان على مقاليد الحكم للقرب النسبي للشرق الأوسط من مركز الأحداث والارتباط العضوي لبعض الجماعات الإسلامية بطالبان، وهو الأمر الذي قد ترى فيه التنظيمات الإرهابية من مثل داعش والقاعدة مثالاً يحتذى من حيث نسخ التجربة في عدد من الدول الشرق أوسطية.

ويرى فريد زكريا، الصحفي المخضرم في محطة «سي إن إن» في سقوط كابول «واحدةً من أعظم الهزائم العسكرية–الانهيارات–في التاريخ. لقد حدث سقوط الجيش الأفغاني، وسقوط أفغانستان، وسقوط كابول بسرعة مذهلة حقاً على الرغم من وجود جيش وقوى امنية أفغانية يصل عديدها إلى ٣٥٠ ألف جندي مزودين بأحدث الأسلحة». وتساءل زكريا عن الفشل الذريع الذي وقعت به الاستخبارات الأميركية قبيل الانسحاب وسوء تقدير الموقف.

بايدن ينتمي إلى جيل من حاربوا في فيتنام. فمن الواضح أن حرب فيتنام أثرت على شخصيته وإدارته كثيراً في اتخاذ قرار الانسحاب للتقليل من خسائر الولايات المتحدة في أفغانستان، وفق بعض المحللين الذين يرون أن عمل بايدن في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أثمرت عن تبنيه سياسة القوة الدبلوماسية والاقتصادية بدلاً من القوة العسكرية.

قد يكون قرار الانسحاب صائباً من جهة ومن جهة أخرى فإنه - وفق ما يراه سياسيون في واشنطن - باكورة للانسحاب الأميركي من منطقة الشرق الأوسط ايضاً وإبقاء عدد محدود من القوات لغايات التدريب وتسليم قوات الدول التي تتواجد بها قوات أميركية مهمة حفظ امن المنطقة وسلامتها في مسعى لوأد التنظيمات الإرهابية قُبيل التوسع والتمدد على حساب الدول الضعيفة أمنياً وعسكرياً.