جملة من أخلاق بيت النبوة تواردت إلى ذهني وانا استمع، ثم اقرأ النص الكامل للقاء، الذي أجرته محطة (سي. إن. إن)، الاميركية مع جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، اولها الميل المعروف عن الهاشميين للستر، ليس فقط باخفاء إحسانهم بحيث لا تعلم يسار الواحد منهم ما تنفق يمناه حفظا لكرامات الناس، لكن هذا الستر يمتد ليشمل أيضا حتى من يسيء إليهم، ولهذا لم يكن غريبا ان يختار جلالته نهج الهدوء والستر لمعالجة أمر الفتنة التي استهدفت أمن واستقرار الأردن، قبل أن تستهدف شخص جلالته، وقد بينت تطورات الفتنة أن جلالته كان قد أوعز للأجهزة المختصة أن تعالج قضية الفتنة بهدوء وبعيدا عن ضجيج الإعلام، كما أصر جلالته وما زال على أن هذه الفتنة شأن داخلي أردني، وبذلك فإن جلالته يقطع الطريق، من جهة على أي محاولة لخلق المزيد من القلاقل في منطقتنا المضطربة، ومن جهة ثانية فإنه يقدم مصلحة الأردن على ماسواها.
لقد كان جلالته يريد الستر الكامل في معالجة قضية الفتنة، رغم أنه في موقع القدرة والاقتدار، وهو موقف يكشف عن خلق آخر من أخلاق جلالته، هو خلق التسامح والعفو عند المقدرة، غير أن شخوص الفتنة أرادوا غير ذلك، وهو ما أشار إليه جلالته في حديثة (لسي. إن. إن)، عندما قال: (قررت الأجهزة الأمنية وأد هذا المخطط في مهده وبهدوء. ولولا التصرفات غير المسؤولة بتسجيل المحادثات مع مسؤولين أردنيين بشكل سري وتسريب مقاطع الفيديو، لما وصلت فينا الأمور للحديث عن هذه القضية في العلن).
هذا التصرف من أطراف الفتنة، يقودنا للحديث عن الطبائع البشرية، فبمقدار سمو وسماحة وتسامح أصحاب النفوس الكبيرة، هناك نفوس مريضة حسودة، يعميها الحسد عن رؤية الحق، ويدفعها إلى ارتكاب الحماقات، وما هو أكثر من الحماقة، كما فعل قابيل باخيه هابيل، وكما فعل ابا جهل الذي كان موقناً بأن محمداً كان رسولاَ مبعوثاً، لكن حسده وانقياده لاهواء نفسه، منعاه من اتباع الحق، وهي قصة تتكرر على مدار التاريخ الانساني، لأن بعض البشر لا يتعلمون، وكذلك حتى يميز الناس بين الخير والشر وبين الحق و الباطل.
كثيرة هي الصفات الإنسانية التي يتميز بها جلالة الملك عبد الله الثاني، والتي يمكن قراءتها في حديث جلالته (لسي. إن. إن) منها صفة التفاؤل من خلال إصرار جلالته على النظر إلى النصف المتلئ من الكأس، ومنها اصرار جلالته على النظرة الشاملة لقضايا المنطقة، ومنها أهمية الموازنة بين الحق والواجب، وبين الموقع ومسؤوليته وهو ما لخصه جلالته عندما قال: (إذا كنت أحد أفراد العائلة المالكة، فلديك امتيازات، لكن في الوقت ذاته يقابلها محددات. والسياسة، في النهاية، هي محصورة بالملك، ولهذا فإن ما حدث كان أمرا مؤسفا، وغير ضروري، وأوجد مشاكل كان بالإمكان تجنبها)، جنب الله بلدنا كل المشاكل..
مواضيع ذات صلة