أ. د. ليث كمال نصراوين
ما زال الجدل قائما حول دستورية القرار الصادر عن مجلس النواب بتجميد عضوية أحد أعضائه لمدة سنة كاملة، حيث يتمسك البعض بأن التجميد كعقوبة يجب أن ترد في الدستور، وليس في النظام الداخلي لمجلس النواب، وذلك أسوة بحالة فصل النائب التي وردت أحكامها في المادة (90) من الدستور، وبأنه لا يجوز القياس في مجال تطبيق العقوبات.
إن الرد على هذا القول يكون من خلال الوقوف على طبيعة فصل النائب وما إذا كان ينطوي بالضرورة على اعتباره عقوبة برلمانية. وفي هذا السياق، نجد بأن المادة (90) من الدستور قد أجازت لكل من مجلسي الأعيان والنواب أن يصدرا القرار بفصل أي من أعضائهما، وذلك بأكثرية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس.
إن فصل النائب أو العين هو طريق دستوري لانهاء العضوية في مجلس الأمة، بالتالي يجب عدم التسرع والتعميم بأنه يشكل عقوبة برلمانية. والسبب في ذلك أن المشرع الدستوري في المادة (90) لم يشر إلى أي أسباب أو مبررات للفصل، ولم يشترط أن يكون قرار الفصل جراء مخالفة العضو لأحكام الدستور أو النظام الداخلي، أو حتى المساس بهيبة المجلس وسمعة أعضائه. فقد اكتفت المادة الدستورية السابقة باشتراط أغلبية مشددة لغايات صدور القرار بفصل العضو، وذلك نظرا للنتائج المترتبة على اتخاذ مثل هذا القرار، والمتمثلة بانهاء عضوية النائب أو العين في مجلس الأمة.
وهنا نستحضر القرار الذي صدر عن مجلس النواب السابع عشر في عام 2013 القاضي بفصل أحد أعضائه على إثر وقوع حادثة إطلاق العيارات النارية داخل المجلس النيابي. فالفصل في تلك الحالة اعتبر عقوبة برلمانية تتناسب مع ما صدر عن النائب المعني من مخالفة جسيمة للقواعد الناظمة لعمل المجلس النيابي.
في المقابل، فقد جرى في العام ذاته تقديم مذكرة خطية وقع عليها أكثر من (60) نائبا تطلب فيها فصل أحد النواب بسبب زيارته للكيان الصهيوني، وهو السلوك الذي لم يعجب النواب في ذلك الوقت وطالبوا بفصله. فهذا الفعل بحد ذاته لا يشكل مخالفة لأحكام الدستور أو النظام الداخلي لمجلس النواب، ولا يبرر توقيع أي عقوبة برلمانية بحق النائب المعني. ومع ذلك، فقد اختار السادة النواب ممارسة حقهم في فصل النائب من خلال تقديم مذكرة خطية بهذا الخصوص، وإن لم يُكتب لها الاستمرارية والنجاح.
إن الوقوف على الطبيعة الدستورية لفصل النائب بأنه حالة من حالات إنهاء عضويته في مجلس النواب، وبأنه ليس بالضرورة اعتباره عقوبة برلمانية يتوافق مع المبادئ الأساسية في صياغة الدساتير، والتي لا يفترض بها أن تتضمن العقوبات التي يمكن فرضها على أعضاء مجلس الأمة. فهذه الأحكام ترد في النظام الداخلي لكل مجلس، والذي يتألف من قواعد قانونية عامة ومجردة تطبق على جميع الأعضاء على قدم المساواة. بالتالي، فمن الطبيعي أن تقترن بجزاء في حال مخالفتها، وذلك تطبيقا للمبادئ الأساسية في علم القانون بأن القاعدة القانونية مقترنة بجزاء مادي وحال توقعه السلطات المختصة.
إن قرار تجميد العضوية لا يجب مقارنته بالفصل وإطلاق الحكم بعدم دستوريته، وذلك بحجة عدم النص عليه في الدستور. فالتجميد عقوبة كباقي العقوبات الأخرى التي وردت في النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي تشمل الإخراج من القاعة، والحرمان من حضور الجلسات، ووقف المخصصات المالية.